والمعيشة على حساب الغير وترك التكسب، وإنما هو الإحتراف ومنفعة العباد، فلا خير في شخص لا فائدة في حياته. وهذا بنى الله داود عليه السلام مع مرتبته (كان يأكل من عمل يده).
فالعمل في نظر المتصوفة هو الحياة، ولا خير في حياة بلا عمل.
٢ - ظللت أرتع في رياض كتاب (عبقرية محمد) للأستاذ عباس محمود العقاد وأستمتع بالنظر إليها وبأريجها، وبما فيها من جمال وجلال، ولكني وجدت نبتة صغيرة - ليس لها مكان - يسهل اقتلاعها إذ لا يصح أن يشملها هذا الروض العطر.
وأفصح فأقول وجدت حديثاً في ص ٢٣٩ وهو (كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف. . .).
وهذا الحديث القدسي ليس مذكوراً في الكتب المعتمدة في الحديث، وقد قال عنه ابن تيمية: ليس من كلام النبي عليه السلام ولا يعرف له سند صحيح. (وتبعه الزركشي وابن حجر والسيوطي وغيرهم، ومن المتأخرين من أفتى ببطلانه. ولو ورد على لسان بعض المتصوفة فليس لبعضهم باع في ذلك وقد قال أحد أكابرهم وهو الغزالي (أنا مزجي البضاعة في الحديث). ولأن مدار صحة الحديث على السند، وهذا الحديث الذي معنا لا سند له.
ولو خلا منه كتاب الأستاذ العقاد لما أثر فيه ولما ذهب من جماله شيء بل يزيده جمالاً فوق جماله.
(شطانوف)
محمد منصور خضر
حب عذري
يكاد يجتمع الكاتبون في عصرنا على أن الحب الطاهر لم يعد له وجود إلا في بطون الكتب، وخيالات الشعراء، وأدمغة المحررين، ويرون أن الحب إن كان بالأمس سمواً بالنفس عن الدنيات، واتفاعاً بالروح عن أوضار التراب، فإنه اليوم شهوة جسد إلى جسد، ورغبة جنس في جنس، قالوا، ولا يدعي الهوى الطاهر إلا أحد رجلين إما مجنون أو