مرأى ومسمع من الإدريسي الذي بذل مع مليكه من الجهد ما استغرق السنين الطوال وما كلفهما كثيرا من التضحيات، حتى ابرزا عملهما القيم للوجود، والذي كان يستطيع اكثر من غيره أن يقدر قيمة عمله العلمي والفني. لم يبق بعد هذا إلا خريطة الحائط وخريطة الكتاب الموزعة في السبعين قطعة التي هي أقسام الأقاليم السبعين كما ذكرنا. انتشرت هذه الخريطة فيما بعد اشد الانتشار وأعمه، وتركت أثرا واضحا في المؤلفات والخرائط الجغرافية التالية لهذا العصر في الشرق والغرب، وظلت مع شرحها مئات السنين المرجع الوحيد لعلماء الجغرافيا من العرب والافرنج، ومعينهم الذي يستمدون منه معلوماتهم. ولقد ذكر الأستاذ ميللر بعض أسماء المؤلفات التي يظهر فيها اثر خريطة الإدريسي وكتابه بوضوح عند أول نظرة، منها كتاب الجغرافيا لابن زيد المولود بغرناطة سنة ١٢١٤ والمتوفى بتونس سنة ١٢٧٤ ومنها خرائط مارينو زانوتو التي وضعها (بطرس فيسكونتي في سنة ١٣١٨ - ١٣٢٠م. والتي انتشرت في جميع أنحاء أوروبة. إلى آخر ما عدد من أسماء المؤلفين والمؤلفات التي قد يكون لنا أن نكتفي منها بما ذكرنا.