في القاهرة - ترمضني الهاجرة ويمضي لا فراق. ونسيت أنني سأجد فقدك لاذعاً في قرارة نفسي
ولبثت ليلتك تهيئ حاجاتك، وإن إهابك ليكاد ينقد من شدة الطرب والسرور. وأرغمني على أن أشاطرك فرحة نفسك فغبرت حيناً طفلاً كبيراً وقد وخطه الشيب وهدته السنون يعبث بين أطفال صغار. واستشعرت اللذة والسعادة فاندفعت أرتب حاجاتك بين المزاح والدعابة. ثم انحلت عزيمتك وكلت قوتك فانحططت في فراشك تغط في نومك، ووقفت أنا إلى جانبك أتملى سمات البهجة وقد رسمها الأمل الحلو على قسمات وجهك النائم!
وفي القطار أقبلت أقبلك قبلة الوداع، فأحسست أنت مرارة الفراق، فاغرورقت عيناك بالدمع وشرقت بالكلمات، وأوشكت عواطفك أن تثور، فتشبثت بي وقد طغت مشاعرك الطاهرة على نوازع طفولتك وهي تدفعك إلى البحر. ولكنني قلت لك:(ماذا جرى، يا رجل؟). . . فكفكت عبراتك وتماسكت وكتمت خفقات قلبك النقي، ثم تعلقت عينك بي فما تطرف حتى تحرك القطار، وتواريت أنا عن ناظريك. . .
لشد ما حز في قلبي أن تحمل نفسك عل تكفف عبراتك الرقراقة الغالية، يابني لتبدو رجلا قبل الأوان!
آه، يا بني، لقد كانت هذه الكلمة - كلمة الرجولة - شديدة الوطأة على نفسك لأنها حملت طفولتك فوق الطاقة وكلفتها فوق الجهد، ولكن. . .
ولكن إلى اللقاء، يا بني على سيف البحر حيث تموج الدنيا بفلسفة الحرية في معاني اللهو والعري!
لقد دعوتك، يا بني، أن أفسح صدري لطهر الطفولة وسخفها، وأن أسع عبثها ومجونها، وأن أتقبل نزواتها وطيشها، وأن أستسيغ حلوها ومرها، فلا تنفض طفولتك كلها أمام خالك فيحس بالجفوة أو يستشعر الضيق، أو يجد الملل!
وإذا ربت على كتفك في عطفن أو قبلك في حنان، أو ضمك في شوق، فلم تحس لين كفه، ولا حرارة قلبه، ولا دفء صدره، فلا تمتعض ولا تتململ، لأنك لن تلمس اللين والحرارة والدفء إلا في رجل واحد هو أنا. . . لأنني أنا أبوك!
وإذا طلبت إليه أمراً فأغضي عنك، أو أمتهن رغبتك، فلا تحزن لأنني أنا وحدي الذي لا