من الكنوز، لقد كانت درة من الدرر، لقد كانت ظاهرة من ظواهر الطبيعية. كانت في تصفيف الشعر صاحبه ذوق شائق، وفي تثنية شريط (الدنتيلا) على غطاء الرأس أكثر دراية من خير الممتهنات، وكانت تجيد حياكة (الفساتين). . . أبداً لم أرى لها مثيلاً في خدمتها لي!
كانت تساعدني في ارتداء ملابسي في سرعة فائقة، وخفة يد تثير العجب، ما شعرت أبداً بمر أناملها على بشرتي الرقيقة، ولا شيء يبدو لي خالياً من اللياقة مثل أن تلمسني يد خادمة!. . وانغمست على الفور في عادات تميز بالإفراط في البطالة، فلكم كنت أشعر بالسرور حين أدعها تدثرني من الرأس إلى القدم، من القميص إلى القفاز، هذه الفتاة الطويلة، الخائفة، التي تخجل كثيراً ولا تتكلم أبداً! وبعد الاستحمام قد تجففني، وتدلكني بينما أكون على أهبة النوم أو مضطجعة على الأريكة. . . وعلى مر الأيام بدأت أنظر إليها كصديقة بائسة أكثر ما أنظر إليها كخادمة!
وذات صباح أقبل البواب في مظهر يثير الظنون، معلناً عن رغبته في التحدث إلي، واستولت علي الدهشة ولكنني أذنت له في الدخول.
كان جندياً كهلاً يبدو عليه التردد في الإفصاح عما يريد أن يقول. . وأخيراً همس في صوت متلعثم:
- سيدتي، أن ضابط بوليس المنطقة موجود في الطابق الأسفل
وقلت متسائلة: ماذا يريد؟
- أنه يريد أن يفتش البيت!
حقاً أن رجال البوليس ضرورة لازمة ولكنني أمقتهم. . . ولا أستطيع أبداً أن أعرف بأنهم يزوالون مهنة شريفة! وأجبت في صوت ألهبته الكرامة الجريحة:
لماذا يفتش هنا؟ لأي غرض؟ أننا لا تعرف السطو! ورد الحارس قائلاً:
- أنه يعتقد أن أحد المجرمين يختفي هنا في مكان ما.
وبدأت أشعر بشيء من الرهبة، وأمرت بأن يصعد إلى ضابط البوليس عسى أن أظفر منه بشيء من الإيضاح. . . كان رجلاً جم الأدب يزدان صدره بوسام (اللجيون دونير). وبدأت أحدثه معرباً عن أسفه، مقدماً اعتذاره، مؤكداً أن هناك مجرماً بين ما لدى من خدم. . .