وإذا شبيه بالأفعى رُقشتْ ... يوعدني بتلمُظ وتثؤب
يشكون أن الجوع اهلك بعضهم ... لَزَباً فهل لك من عيال لزَُب
لا يسألونك غير طل سحابة ... تغشاهمُمن سيلك المتحلب
يا باذل الخيرات يا بن بذولها ... وابن الكرام وكلٍ قرم منجب
أنتم بنو العباس يُعلَم أنكم ... قدْماً فوارسُ كل يوم أشهب
احلاس خيل الله وهي مغيرة ... يخرجن من خَلَل الغبار الاكهب
وكانت الدار التي أعطاها المنصور أبو دلامة قريبة من قصره، فأمر بان تزاد في قصره بعد ذلك لحاجة دعته إليها. فدخل عليه أبو دلامة فانشده قوله:
يا ابن عم النبي دعوة شيخٍ ... قد دنا هدم داره ودمارُه
فهو كالماخض التي اعتادها الطلـ - ق فقرَت وما يقر قراره
ان تحزْ عسرة بكفيك يوماً ... فبكفيك عسره ويساره
أو تدَعه فللبوار وأني ... ولماذا وأنت حي بواره؟
هل يخاف الهلاك شاعرُ قوم ... قدمتْ في مديحه أشعارُه؟
لكم الأرض كلها فأعيروا ... شيخكم ما احتوى عليه جداره
فكأنْ قد مضى وخلَف فيكم ... ما أعرتم أقفرت منه داره
فاستعبر المنصور، أمر بتعويضه داراً خيرا منها ووصله. ولو لم يتأثر بمعاني الشعر أبو جعفر، لما دمعت عيناه فاستعبر، ولما عوض عليه تلك الدار بأحسن منها وطيب خاطره واجزل سلته مع علمه بأنه اكثر إجادة للتمثيل منه لوصف حقيقة حاله. وانظر إلى تمثيل أبى دلامة واستخدامه الأساليب التي ترقق من قلب المنصور تارة، وتضحكه حتى تبدو نواجذه تارة أخرى، يوم دخل عليه فانشد قصيدته التي يقول فيها:
ان الخليط أجد البيَنَ فانتجعوا ... وزودوك خبالاً بئس ما صنعوا
والله يعلم ان كادت لبيْنيهمُ ... يوم الفراق حصاة القلب تنصدع
عجبتُ من صبيتي يوماً وأمهمُ ... أمَ الدلامة لما هاجها الجزَع
لا بارك الله فيها منْ منبهة ... هبت تلوم عيالي بعد ما هجعوا
ونحن مشتبهون الألوان أوجُهنا ... سُودُ قباح وفي أسمائنا شَنع