للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يقول جون ستوارت مل (يجب على طالب الثقافة أن يشعر بأنه حر الفكر، له أن يجاري الغير في معتقداتهم، وله أن يخالفهم فيها. عليه إذا شك في أمر أن يبحث وينقب جهده ليقف على ما يروقه ويقنعه. وعليه ألا يلقي الكلام على عواهنه، وألا يأخذه دون روية وإعمال فكر).

هذه القراءة الحية التي تقترن دواماً بالتفكير والتأمل والتجرد من أهواء النفس وعدم التعصب للعادات العامة والآراء المتواترة والعقائد الشائعة تخلق منا الإنسان الحي الكامل الذي يتأثر بثقافة عصره ويؤثر فيها بعد أن يكون قد أرضى من البحث حاجته وشفى غليله وأحس الحياة وأمعن فيها إمعاناً بانصرافه إلى التفكير والملاحظة والاستنباط.

القراءة والثقافة:

الغرض الأول من القراءة هو التهذيب الكامل للنفس وليس تعبئة الذهن بالمفردات والتراكيب أو الحقائق مستقلة منفردة. والقراءة الحية تنمي القوى والمواهب الإنسانية وترقيها. فإن ما نكسبه من معلومات ونهضمه ونجعله جزءاً من حياتنا الفكرية وتفكيرنا الخاص يكسبنا قوة ذهنية تتجه بنا نحو الإصلاح بأنواعه وتؤهلنا إلى الاندماج في مشاكل المجتمع الذي نعيش فيه وإنهاض ذلك المجتمع وتجديده، ويزودنا بقوة فكرية مهمتها البحث عن الحقيقة أي كانت والسعي لرقي الإنسان عقلياً وروحياً.

هذه هي الثقافة المنتجة التي تمكننا أن ننعم بالحياة، نسرح فيها ونمرح، ننشط ونستنبط فتنتعش قوانا العقلية وتظهر كفاياتنا المغمورة وتزهو مقدرتنا في أعمالنا أو في أي نشاط ابتكاري تغذيه ميولنا.

هذا كله فعل القراءة الثقافية المجدية التي قال عنها (بيكون) إنها تجعل العقل البشري ينطلق من عقاله لنقبل على كل مجهول ونفكر لنعيش ونعيش لنفكر.

التثقيف الذاتي:

يمكن للقارئ العربي أن يثقف نفسه لو توافر له الميل إلى القراءة المفيدة المحبوبة التي تهدف إلى غرض ثقافي واضح وليست تلك التي يقصد بها التسلية وقطع الوقت.

وقد طرق الكثير من المفكرين والفلاسفة موضوع التثقيف الذاتي فقال (لوك) للتهذيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>