للأطفال والناشئين. وكذلك ينبغي الاهتمام باختيار ما يحفظ ووضعه وبالتعبير الذي يسمونه الإنشاء، من شفوي وتحريري، بحيث يتجه فيه إلى الاستفادة مما يقرأ ومما يحفظ.
وبذلك نهيئ للناشئ فرصة طويلة يستطيع فيها أن يتذوق اللغة من كلامها الفصيح، ويعيش في جوها، فتنطبع ملكته بأساليبها، دون أن نفسد عليه ذلك بربكه باستخلاص القواعد، لأننا عندما نقدم له القطعة أو القصة ولا نتركه يهنأ بجمالها ومتعتها فنطالبه على أثرها بالمبتدأ والخبر والفاعل في جملها، ونأخذ منها ما يكمله بمفعول أو ظرف - عندما نفعل ذلك يحار التلميذ في المراد من القطعة أو القصة، وقد يذهب به الفكر الغض إلى أن المقصود من هذه الحكاية بيان جملها الاسمية والفعلية. . .
وبعد ذلك، أي بعد أن يتصفح التلميذ أساليب اللغة ويكتسب ملكتها ويدركها إدراكا كلياً، نعمد به إلى التحليل والتعليل، ويكون قد جاوز المرحلة الابتدائية وبدأ التعليم الثانوي فنعلمه القواعد الميسرة مع الاكتفاء بالضروري منها. وهذا ينطبق على القاعدة التربوية المعروفة وهي الانتقال من الكلي إلى الجزئي. وسيشعر التلميذ بالحاجة إلى القواعد في أثناء تجاربه اللغوية الابتدائية ويتشوق إلى معرفتها للانتفاع بها، وهنا أيضاً يتحقق ما يراه علماء التربية من إثارة شوق التلميذ ودفعه إلى طلب المعلومات بنفسه.
ونجني من كل ذلك غاية أخرى جليلة الشأن، هي أن نعود الناشئ القراءة والإطلاع منذ الصغر، فإذا شب وكبر طلب من زاد الفكر ما يناسبه.