السلطة الرئيسية في الوزارة أولاً. وأنا كتبت في موضوع تعليم اللغة العربية بمناسبة ما قرره المؤتمر فيه، لا لعرض ما انتهى إليه، والواقع أن المؤتمر لم ينته إلى أمر ذي خطر يغير واقعاً، فقد رأى أن تدرس اللغة العربية عن طريق نصوصها وأساليبها لتستخلص منها القواعد من غير إسراف في الاصطلاحات النحوية المطولة. وهذا متبع فعلاً، فالمدرس يعرض الأمثلة على التلاميذ ويستنتج منها القاعدة، والذي يمكن أن يعد جديداً في قرار المؤتمر هو عدم الإسراف في الاصطلاحات النحوية المطولة، وهذا هو ما يطلق عليه (تيسير النحو) على أن هذا أيضاً هو ما اتجهت إليه لجنة تيسير تدريس اللغة العربية بوزارة المعارف في منهج اللغة العربية الجديد الذي يوشك أن يأخذ طريقه إلى التطبيق والتنفيذ في المدارس.
وما ذكره الأستاذ من اضطراب منهج اللغة العربية في المدارس صحيح، وقد ذكر أمثلة له. وأنا أريد أن اعدي عن هذا فما هو بذي شأن فيما أريد أن أحصر الكلام فيه، وهو تعليم اللغة بالكلام الفصيح، وقد تسائل الأستاذ قرون عن المقصود باستخلاص اللغة من الأساليب، فإن كان يبغي ما عند المفتشين والوزارة فقد تقدم بيانه، وإن كان يريد ما رميت إليه بكتابتي السابقة في الموضوع فهو ما قلت (أن يترك الناشئ سنوات يسمع فيها اللغة ويقرؤها ويعالج التعبير بها، بحيث يشعر بالحاجة إلى ضوابط لها، وعند ذاك ننتهز فرصة تشوقه إلى الضوابط، فيعرف بها طرقة سهلة ميسرة)
وتفصيل ذلك أو تطبيقه أن تحذف القواعد من المدارس الابتدائية، لا أن تؤخر فقط من السنة الثانية إلى الثالثة، وليس معنى ذلك أن تظل الحال في المطالعة والمحفوظات والإنشاء على ما هي عليه الآن؛ ولا ندع التلميذ يفهمها على أن أي قصيدة تكفيه، والمطالعة فيها تسامح، والإنشاء أي كلام ينفع له ولو كان عامياً؛ ولا ندع حصص القواعد لصنع الصلصال وشؤون الفلاحة والبساتين.
وإنما يجب أن يعنى بالمطالعة على أنواعها منه جهرية وسرية ومدرسية ومنزلية، ويجب أن يكون أكثر ما يطالع قصصاً مناسباً لعقول التلاميذ من حيث الأسلوب السهل والفكرة المستساغة الواضحة والموضوع المشوق المأخوذ مما يدور في بيئاتهم وتقع عليه حواسهم، ويجب أن تشجع الوزارة على تأليف ذلك كما يجب أن تستعين بالأدباء المعروفين بالإنتاج