للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي كان الشاعر يلقي به إليه، ويضيفه إلى القديم الذي عنده، فيكون بذلك أقرب إلى الترتيب التاريخي.

أما النسخ الباقية لنا من الديوان فغير متفقة في ترتيب قصائده، وقد شوه نساخها شعر أبي فراس، فحذف بعضهم بعضه، حتى لم تبق نسخة واحدة تجمع كل شعره، فضلا عن المسخ الذي أصيب به كثير من ألفاظه حتى صار من العسير فهم النص في كثير من الأحيان، والوصول إلى حقيقة معاني الشاعر، ولم تخل من هذه العيوب النسخ المطبوعة للديوان ببيروت سنة ١٨٧٣ وسنة ١٩٠٠ وسنة ١٩١٠ م.

ومن العجيب أن شارح ديوان أبي فراس، وهو عبد اللطيف البهائي، أحد فقهاء القرن الحادي عشر، وأحد قضاة بلغراد، كما حقق ذلك ناشر الديوان الحديث الدكتور سامي الدهان - عثر على إحدى هذه النسخ المشوهة فشرحها، وجره الخطأ إلى شرح خاطئ، وقد أشار ناشر الديوان إلى أمثلة كثيرة من هذا الخطأ، ومنه أن أبا فراس قال بيتين، لما مضى سيف الدولة يطالب قتلة عامله على قنسرين بدمه، ثم كف عنهم بتوسط أبي فراس، ولكنهم قصروا في شكره، وهما:

وما نعمة مكفورة قد صنعتها ... إلى غير ذي شكر بمانعتي أخرى

سآتي جميلا ما حييت، فإنني ... إذا لم أفد شكراً أفدت به أجرا

فوقع للشارح البيت الأول محرفا إلى:

وما نعمة مكفورة قد صنعتها ... إلى غير ذي شكر بما تبتغي أخرى

فلم يحقق النص، بل شرح البيتين بقوله: (يقول مخاطباً لسيف الدولة: إن النعمة التي صنعتها بعفوك عن قاتلي الصباح الذي وليته قنسرين، لكونها مكفورة، لا تقتضي أن تعاد عليهم مرة أخرى، لكن عادتي أن أفعل الجميل مدة حياتي، فإن لم أستفد منه الشكر استفدت منه الأجر)؛ وهو بهذا الشرح لا يلحظ أن الشاعر يجعل الأمير حينئذ في منزلة أقل من منزلته، إذ يخبره بأن نعمته ما دامت مكفورة لا يجدر به أن يسدي للمنكرين يداً أخرى، بينما أبو فراس من عادته فعل الجميل دائماً شكر أم كفر.

كما شرح قول أبي فراس:

وفارق عمرو بن الزبير خليله=وخلى أمير المؤمنين عقيل

<<  <  ج:
ص:  >  >>