أكبرت المازني منذ ذلك الحين وصنعت له في نفسي تمثالا سيبقي ما بقيت.
وبعد أن مضت سنوات على ذلك الحادث، التقيت بالأستاذ كامل كيلاني، وقال لي غير مرة: أنا لا أنسى أنك هاجمت الأسد في عرينه! ولكني لم أغتر بكلمة الأستاذ كيلاني، لأن الذي قرَّ بنفسي أن الأسد أكبر نفسه من أن يصغر في مدافعتي، فمكن لي من الهجوم عليه. . .
المازني ولإذاعة:
على أثر وجهه بعض الكتاب إلى إدارة الإذاعة من اللوم على تقصيرها في تسجيل مسرحيات الريحاني أعلنت الإذاعة في مجلتها أن همتها لم تقعد عن تسجيل أصوات العظماء وأعلام الأدب والفكر والفن في مصر، وأنها قامت بذلك فعلا، حتى أصبحت لديها هذه المسجلات.
ثم توفي المازني، ولا وظهر أن الإذاعة الهمامة ليس لديها أي تسجيل لأحاديثه. . . ولا أظن المشرفين على الإذاعة لم يسمعوا بأن المازني أديب كبير، فلماذا لم يسجلوا شيئا من أحاديثه؟ لقد قالوا إنهم سجلوا أصوات أعلام، الأدب؟ وأريد أن أصدقهم، فلم إذا لم يسجلوا لهم؟ فيمن سجلوا لهم؟ أليس هو من أعلام الأدب؟
ولم يظفر المازني من عناية الإذاعة بعد وفاته، بغير نعي قصير في نشرة الأخبار، في الوقت الذي نسمع فيه المحطات العربية من خارج مصر تتحدث عن المازني وتفيض في الحديث عنه.
فلم كلُّ هذا يا إذاعة؟ ألأنه غضب من الفوضى المتغلغلة في أعمالك، ولم ترضه تصرفاته غير اللائقة معه، فانقطع عن مواصلة أحاديثه؟
وأريد بعد ذلك أن أسأل: هل الإذاعة مرفق عام من مرافق الدولة العامة تعرف للناس أقدارهم كيفما كانت علاقة موظفيها بهم أو هي ملك خاص لهذه الفئة المشرفة عليها، من رضيت عنه قربته وكالت له، ومن لم يحظ برضاها أعرضت عنه وأهملت شأنه مهما كان مكانه