للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خارج فرنسا حين علم أن بعض الرسائل تصلها من مدام دي ستايل، تلك الكاتبة التي أصلته بقلمها ناراً حامية، هي وصديقها بنجامان كونستان. . . ومرة أخرى يممت شطر صديقتها الوفية، والتقى قلب بقلب، وتصافحت روح بروح، وامتزجت دموع بدموع!

وحين دالت دولة الجبار، عادت من جديد إلى أرض العذاب لتقضي بقية أيامها في أحد الأديرة. . . بعيداً عن الناس. وفي مكانها هذه المنعزل يقضي إلى جانبها أمير النثر الفرنسي شاتوبريان أكثر أوقاته، ويضفي عليها من عذوبة روحه، وسحر حديثه، وذوب قلبه، ما يعزيها عن فقد الأحباب، ولكن أين من يعزيها عن فقد الشباب؛ لقد أطفأت الأيام بريق عينيها، وعبثت بنضارة وجهها، وحكمت على شبابها بالأفول!

وقالت له وهو يعرض عليها أن تكون شريكة حياته: يا صديقي. . . إن حبك لي هو آخر واحة ترسل ظلالها في صحراء حياتي. . . ولكن أصوات من سبقوني إلى الله، تهتف بي أن أظل كما كنت. . . مدام ريكامييه!. . ومع ذلك فماذا يجدي من التقاء قلبينا وضم جسمينا، ونحن نحث الخطى إلى القبر؟!.

وهكذا عاشت مدام ريكامييه. . . وكانت حياة كلها شقاء. . . شقاء مقدس!!

أنور المعداوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>