هو هذا الخلط العجيب الذي درج عليه بعض المحدثين فلم يفرقا بين الهزج ومجزوء الوافر بل تأتي القطعة وهي خليط من هذا وذاك. فالقطعة التي نقلها الدكتور من ديوان (الملاح التائه) شاهداً على الهزج لا يقرها الوزن الصحيح لأنه يقول فيها:
هناك على ربي الوادي ... لنا مهد من العشب
فإن الشطر الأول من مجزوء الوافر حتما لمجيء (مفاعلتن) فيه
وقال:(ويظهر أن الهزج تطور لمجزوء الوافر جاءت به عصور الغناء أيام العباسيين ولم يكن معروفاً أيام الجاهليين) وقد بنى رأيه هذا على ندرة الشواهد وعدم اعتماده على الرواة في معظم الأحيان. ولو أنه اعتمد على رواية أبي تمام لما أنكر وجود الهزج فقد روى أبو تمام في الجزء الأول من الحماسة قطعة نسبها إلى الفند الزماني من شعراء بكر بن وائل ومنها:
صحفنا عن بني ذهل ... وقلنا القوم إخوان
والدليل على أنها من الهزج قوله فيها:
ولم يبقِ سوى الأعداء ... دّناهم كما دانوا
وقوله:
بطعن كفم الزق ... غذا والزق ملآن
فقد وردت (مفاعيل) في البيتين الأخيرين وهي من خصائص الهزج:
هناك شيء يجب أن أشير إليه بإعجاب وهو التفاعيل التي استنبطها الدكتور لتبنى منها الأوزان الشائعة بعد ترك الأوزان التي لم يرد عليها شاهد صحيح، وهذه التفاعيل ثلاث: فعولن، فاعلن، مستفعلن. ثم يضاف إلى كلُّ تفعيلة مقطع ساكن فيتولد ثلاث تفاعيل أخر: وهي فعولانن، فاعلاتن، مستفعلاتن. ومن هذه التفاعل الست يمكن بناء عشرة أبحر ما عدا الكامل والوافر والهزج. وعذر الدكتور في استثناء هذه الثلاثة أنها قد تشتمل على مقطعين قصيرين متواليين فيتعذر بناؤها. وكان على الدكتور أن يضم الهزج إلى هذه البحور العشرة ويبنيه من (فعولاتن) مكررة بعد أن قلنا: إن الهزج لا تأتي فيه مفاعلتن، أما الكامل والوافر فإنه يمكن أن تجري فيها على قواعد الصرفيين. ونقول: إن الحرف المتحرك لا ينافي أن يقابله الساكن في الكلمة بالمتحرك في الميزان الصرفي؛ فيقولون: اشتد على وزن