للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدكتور في أن هذا النوع من التفاعيل يجب الابتعاد عنه.

وفي استعراضه لبحر البسيط ذكر شواهد لمجيء (متفعلن) بدل (مستفعلن) في حشو البيت. ومن هذه الشواهد بيت النابغة وهو:

سراته، مدخلا (لبانه)، لهق ... وفي القوائم مثل الوشم بالقار

وآخر لأعشى باهلة وهو:

طاوى المصير على (الغراء) منجرد ... بالقوم ليله، لا ماء ولا ثمر

وقد وضعنا كلمتي (لبانه) و (العزاء) بين قوسين إذ فيهما يرد احتمال الشذوذ. أما القراءة الصحيحة فأنها تجعل البيتين مستقيمي الوزن، فصحة الكلمة الأولى: (لبَّاته) بياء مشددة وتاء جمع لبَّة وهي موضع القلادة. وصحة الكلمة الثانية (المزَّاء) بتشديد الزاء وهي السنة الشديدة وهذا ما يقتضيه المعنى أيضاً.

تعرض الدكتور في ص ٩٤ لبحر المديد وذكر أنه وزن قديم جداً هجره الشعراء وليس في القدماء الجاهليين من نظم عليه ما يستحق الذكر إلاّ بضعة أبيات نسبت للمهلهل بن ربيعة. ولا أدري هل يوافق الدكتور على رواية أبي تمام فقد روى قصيدة ذات ٢٦ بيتاً لتأبط شراً وأولها:

إن بالشعب الذي دون سلع ... لقتيلاً دمه ما يطل

ولعل رأي الدكتور في بحر المديد أرجح لأن الأصمعي نفسه شك في أن تكون هذه القصيدة جاهلية لبعض المعاني والتعابير التي وردت فيها؟ وقد أشار إلى هذا التبريزي في شرحه للحماسة وبَّين الآراء التي قيلت فيها.

وقد جمع الدكتور بين الهزج ومجزوء الوافر في بحث واحد وسرُّ هذا الجمع كون البحرين يلتقيان في تفاعيلهما ويفترقان في بعض التغييرات. فالهزج يأتي فيه (مفاعيل) أحياناً بدل (مفاعيلن) ولا يجوز ذلك في مجزوء الوافر. وقول الدكتور: (فإذا جاءت الأبيات مكونة من مكرر مفاعلتن وحدها فذلك هو مجزوء الوفر) قول صحيح لا غبار عليه. أما قوله: (وإذا رويت من مكرر (مفاعيلن) وحدها فهنا يلتبس الأمر بين مجزوء الوافر والهزج) فهذا ما لا نستطيع أن نؤيده بل تقول: إنه الهزج بصورته الأصلية القديمة، وكان على الدكتور أن يبرئ الهزج من (مفاعلتن) ليستريح من كلُّ هذا العناء، والذي جعله يمزج بين البحرين

<<  <  ج:
ص:  >  >>