التصحيف. ومن هذه التفاعيل ورود (مفاعيل) و (مفاعل) حشواً في البيت الأول قول امرئ القيس:
ألا رب يوم لك منهن صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل
ونحن نوافق الدكتور على هذا ونعتقد أن البيت مصحف إذ تكاد تكون أمثلته نادرة جداً وقد يكون هو وحده الذي روى بهذه الصورة ولذلك روى هكذا:
ألا رب يوم لي من البيض صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل
فراراً من هذه الشذوذ. ومن الثاني قول امرئ القيس أيضاً:
ويوم عقرت للعذارى مطيتي ... فيا عجباً من رحلها المتحمل
وقد افترض الدكتور قراءة: (عقرنا) فراراً من الزحاف. كما افترض لبعض الأبيات التي ساقها شاهداً لهذا النوع قراءة تتفق مع الوزن الصحيح، وإلى هنا لا نستطيع أن نوافق الدكتور على تخطئة الرواة أو التصحيف؛ لأن هذا النوع شائع عند العرب في الجاهلية والإسلام وفي العصر العباسي وشواهده كثيرة في الشعر الجاهلي، ويكثر عند الأخطل في صدر الإسلام ومنه قوله:
فجاء بها كأنما في إنائه ... بها الكوكب المريخ تصفو وتزبد
وعند البحتري في العصر العباسي ومنه قوله:
جديد الشباب كبره لفعاله ... وبعض الرجال كبره بسنيه
ومثل هذا كثير لا يتسع المقام لذكره. ولعل مرجع ذلك إلى طبيعة الغناء في العصر الجاهلي فإن معظم الشعراء كانوا يترنمون بأشعارهم حين ينشدون وهذا الإنشاد قد يطيل المقاطع والحركات فلا يحس الشاعر بنبوة أو شذوذ. وإطالة الحركة شائعة في الشعر قال لبيد:
فبنى لنا بيتاً رفيقاً سمكه ... فسما إليه كهلها وغلامها
فوزن البيت يقتضي إطالة الكسرة في هاء (إليه) وعلى هذا فلا يبعد أن امرأ القيس كان ينشد بيته هكذا:
ويوم عقرت (و) للعذارى مطيتي ... فيا عجباً من رحلها المحتمل
أما شيوعه فيما بعد العصر الجاهلي فلأن الشعراء وجدوه شائعاً فنسجوا عليه. على أننا مع