للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نعم إننا لا نريد أن نزركش الثياب على جسم ناحل متداعي الأوصال كما أننا لا نريد من الزهرة أن تبتسم وهي بين الأشواك والصخور، ولعل الجرجاني لا يند عن هذا الرأي.

أما الفصل الثالث فإنه يبحث في الأوزان وأنواعها وبحث القدماء لها وفيه نقد للقدماء على إغراقهم في خصائص الأوزان ومصطلحاتها وإتيانهم بأوزان لم يرد عليها من الشعر العربي شيء وإذا ورد فلا يكاد يتجاوز البيت أو البيتين، ولعل أكثرها موضوع. كذلك ناقش القدماء في بعض الأوزان التي افترضوا لها أصولاً ثم سقطت منها بعض التفاعيل مع أنه لم يرد لهذا الأصل الذي افترضوه شاهد من الشعر العربي. ونحن مع الدكتور في مناقشته لهذا التحمل الذي شغل العروضيون به أنفسهم فلا داعي للافتراض لأن الدوائر العروضية لم توضع اعتباطاً وإنما وضعت وفق ما جاء من الشعر العربي. وفي أثناء بحثه تعرض لبحر المقتضب بشي من الحذر لأنه نادر الشواهد وذكر قطعة للحسين بن الضاحك شاهداً عليه وأولها:

عالم بحبيه ... مطرق من التيه

ومنها:

لا وحق ما أنا ... فيه من عطف أرجيه

وآخرها:

تائه تزهده ... في رغبتي فيه

فقال: إننا مضطرون إلى منع كلمة (عطف) من الصرف حتى يستقيم الوزن. والحقيقة أن الوزن لا يستقيم حتى مع هذا الاضطرار بل يكون الشطر الثاني من الهزج على كلتا القراءتين، ويخيل إليَّ أن البيت مصحف ولا يستقيم إلا إذا فيه هكذا:

لا وحق ما أنا ... فيه فلا أرتجيه

وإن اختلف المعنى وقال: إن الشطر الأخير من القطعة لا يستقيم له وزن، والصحيح أن الوزن مستقيم بتشديد (فيّ) وهذا ما يقتضيه المعنى كذلك.

وعالج في هذا الفضل نسبة شيوع الأوزان في الشعر مقدماً بعضها على بعض حسب هذا الشيوع وابتدأ بالطويل وذكر ما فيه من التفاعيل الشاذة التي تأباها الأذن الموسيقية ونحا باللوم على العروضيين الذين أقروها لمثل أو مثلين قد تكون من أخطاء الرواة أو من

<<  <  ج:
ص:  >  >>