للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإعجاب!

واليوم، وبعد تسع سنوات من اللقاء الأول في قاعة المحاضرات بكلية الآداب يصبح الدكتور هاشم وزيراً للدولة. . أنا سعيد بأن يكون في كرسي الوزارة هذا الشاب العالم الأديب فليس من شك في أن كل عمل ينتسب إليه إنما ينتسب إلى همة الشباب، ويصطبغ بصبغة الخلق، ويطبع بطابع الآفاق الرحيبة التي تحلق فيها أجنحة ممتازة من الثقافة والعلم والأدب. . . ولهذا أود أن أخاطب فيه كل تلك الصفحات مجتمعة، حين أسوق إليه بعض الحقائق عن الإذاعة المصرية وهو أهبة النهوض بها من وضع كما يقال.

يعلم وزير الدولة أن الإذاعة في كل أمة من الأمم ما هي إلا وسيلة من وسائل الترفيه والتثقيف والإصلاح. . . الترفيه عن طريق تغذية النفوس بالتسلية الرفيعة التي تهدف إلى مثل عليا وغايات، والتثقيف عن طريق إمداد العقول بكل مفيد في ميدان الآداب والعلوم والفنون، والإصلاح عن طريق تنوير الأذهان بعرض كل مشكلة في نطاق صلة الفرد بالمجتمع الذي يعيش فيه ولن يتحقق هذا كله إلا إذا تحقق التوفيق في الاختيار. . . اختيار المشرفين على أقسام الإذاعة، واختيار المشتركين في برامج الإذاعة ثم أولئك الذين يوجهون دفة الأمور في كل شأن من الشئون.

المراقب العام للإذاعة يجب أن يكون من صفوة المثقفين، وكذلك المشرفون على الأقسام والمشتركون في البرامج؛ ولست أطالب هنا بأن يكون هؤلاء السادة من حملة الإجازات العلمية كالدكتوراه والماجستير، كلا فليست العبرة بما يحمل الإنسان في يده من شهادات ولكن بما يحمل في رأسه من ثقافات. هؤلاء جميعاً هم المسئولون عن سخط الجمهور وتذمره وضيقه بما يسمع في الصباح والمساء: محاضرات دينية يقف الجهد فيها عند سطحية السرد وسذاجة العرض، فهي أشبه بتلك القصص التي تلقى على الأطفال، ومحاضرات أدبية تخلو من عمق الفكرة وإشراق اللمحة فهي ترديد وتقليد، ومحاضرات سياسية وعلمية واجتماعية تنقل نقلا عن الصحف، فإذا قرأت هذه أمكنك أن تستغني عن سماع تلك! وتمثيليات تافه مسفة قصد بها إلى ملء الفراغ الذي تحسه البرامج لا الفراغ الذي تحسه الأذهان، وعناء مريض يدغدغ الغرائز ويرضى هواة الانحلال ممن يعانون مركب النقص في صفات الخلق والرجولة، ومقرئون يسيئون إلى روعة الترتيل بأصواتهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>