جازفت بنشره في الجريدة كأداة جرمية تدين المجرم والمتواطئين معه، فهي غير ملومة من هذا القبيل، ولها من حسن نيتها خير شفيع، إنما يمكن نعتها بالقصور وعدم الاطلاع الكافي لتكون أهلا لضبط مثل هذه المهمات البسيطة)!
هذه هي الكلمات التي عقب بها المحرر الفاضل على السرقة الجريئة، وإنك لتلمس فيها غيرة كريمة على القيم الأدبية والأوضاع الخلقية يستحق عليها كل ثناء وكل تقدير.
حول الفن والحياة مرة أخرى:
يذكر القراء تلك الرسالة التي بعثت بها إليَّ شاعرة فاضلة في العدد (٨٣٩) من (الرسالة) ويذكرون أنها سألتني عن صلة الفن بالحياة وعما إذا كانت الثقافة الناضجة يكفي فيها الكتاب وحده عن كل ما عداه. . . ولقد رددت عليها في ذلك الحين بهذه الكلمات:(إن جوابي عن هذا السؤال هو أن الكتب لا يمكن أن تكفي لسبب واحد هو أن ثقافة من هذا الطراز يشوبها النقص ويعتريها القصور؛ لأنها تفقد عنصراً خطيراً هو عنصر التطبيق على الحياة! كيف تستطيعين أن تتذوقي آثار الفن وأنت بعيدة عن منابعه؟ وكيف تستطيعين أن تحكمي على نتاج القرائح وليس بين يديك قاعدة ولا ميزان؟ إن الثقافة يا آنستي ليست قراءة فحسب، ولكنها فهم وهضم وتذوق واستيعاب. . . وحياة من وراء هذا كله تعين الذهن على الإحاطة، وتسعف الحواس على التوهج، وترفع من قيم المواهب والكلمات)!
قلت هذا فعقب الدكتور طه حسين في (الأهرام) على ما قلت، وكذلك فعل الأستاذ توفيق الحكيم في (أخبار اليوم)، وذهب الأول إلى أن الإنسان يستطيع أن يكون مثقفاً عن طريق القراءة والاستماع فلا حاجة إلى الحياة، وأكد الثاني أن الكاتب يستطيع أن يخرج فناً ولو حسبته في جب وأغلقت عليه بسبعة أختام وتركته الأعوام. . . إلى آخر هذا الكلام العجيب الذي يفتقر إلى سلامة المنطق وقوة الدليل كما أثبت ذلك في حينه!
واليوم أعود إلى الموضوع بمناسبة مقال ظهر في (الرسالة) منذ أسبوعين تحت عنوان (القراءة وأصول الثقافة) للأستاذ الفاضل إيليا حليم حنا. . . في ذلك المقال أورد الأستاذ إيليا كلمات قالها (جونسن)، وهي كلمات تؤيد الواقع الذي ناديت به، وتغنى عن كل تعقيب!
يقول جونسن: (من يتصور أن الأفكار لا توجد إلا في الكتب، وأن في الكتب كل الأفكار،