كان واصل بن عطاء متصلاً بالنصارى. ولكنه رأى في سر الثالوث الأقدس (وهو سر إله واحد في ثلاثة أقاليم) شركا لله؛ فأحذ يرده بقوة حتى يصل إلى فكرة عن إله واحد في غاية البساطة ومميز تماماً عن خلقه. وابتداء من أبي الهذيل العلاف أخذت المعتزلة تطالع كتب الفلاسفة اليونانيين التي ترجمت إلى السريانية والعربية في ذلك العهد. فكانت محاورة تيماوس لأفلاطون قد ترجمت إلى العربية والله في عرف أفلاطون لا يكوِّن العالم على صورته بل على صورة المثل الأزلية. فساعدت هذه الفكرة المعتزلة على القول بأن العالم المخلوق لا يشبه الله الخالق أعني (في لغة المعتزلة) المانح الوجود لماهيات مختلفة ومميزة عنه؛ كما أنهم نفوا أن الله يخلق الخلق على مثال سبق.
ومن جهة أخرى يقول أرسطو إن الله ليس بالعلة الفاعلية للعالم وإنما العالم يجتهد بأن يحيى بقدر المستطاع حياة مماثلة لحياة الله، ولكنه لا يستطيع ذلك لسبب مادته، فيقلد الحياة الإلهية بحركة مستمرة وأزلية وهي الحركة الدائرية (أنظر أرسطو كتاب الطبيعة ص٢٦٥ ب١) التي هي العلة الغائية للعالم - فإذا لا توجد أي مشابهة بين الله والعالم، والله على رأي أرسطو لم يبدع ماهية العالم ولا وجوده؛ إنما المعتزلة مع نفيها كل مشابهة بين الله والخلق تقول إن الله منح الوجود فقط للعدم حتى صار كائناً.
وعندما أغلقت مدارس أثينا الفلسفية لجأ سمبلقيوس الفيلسوف إلى كسرى ملك الفرس وصديق الفلاسفة. وترك سمبلقيوس عدة شروح لنظريات أرسطو وكان أغلب المعتزلة على صلة بالفرس حتى إن بعضهم كان من أصل فارسي مثل أبو علي الأسواري.
فهذه الترجمات العربية لكتب الفلاسفة اليونانيين التي قام بها السريانيون من جهة، والترجمات التي قام بها الفرس من جهة أخرى، ساعدت المعتزلة على مطالعة الفكر اليوناني وقدمت لهم ما يلزمهم من براهين للدفاع عن التوحيد كما فهموه.
لكن هذا لا يعني أن المعتزلة وجدت الأفكار التي تدافع عنها وقامت بها جاهزة كاملة - أن فضلهم لكبير، لأنهم اقتبسوا من الفكر اليوناني ما رأوه مناسباً للرد على المشبهة ودفع كل شرك مفاخرين بأنهم (حماة التوحيد).
نفي المعتزلة لصفات الله تعالى لا يمنعهم من البحث في بعض الصفات على زعم أنها اعتبارات ذهنية فقط وليست حقائق تتصف بها الذات الإلهية.