ولا شك أن رقة الدين ورداءة المذهب وارتكاب المحارم وتضييع الفروض والمجاهرة بالاثم - من الأوصاف التي توشك أن تجعل من الظريفين شخصاً واحداً لشدة التشابه بينهما فيها. ولا ينتظر الناس من ظريف يضحكهم أن يكون ملاكاً أو قديساً، فإذا كان بعض القدامى قد صرح بأن (أعذب الشعر أكذبه) فإن كثيراً من المحدثين لا يعجزهم أن يزيدوا على ذلك (وأعذب الدعابة أكثرها فضحاً من المستور، وكشفاً للمحجوب).
والطريف في أبي دلامة - وما رأيت فيه إلا طريفاً - أنه عاش حياته كلها ضاحك السن لا يتألم ولا يبكي، ثم مات سنة إحدى وستين ومائة وهو ما زال ضاحكاً لا يتألم ولا يبكي!