للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إن الإسلام ليس دين عزلة، وإنما هو نظام حياة وتشريع مجتمع، وتعليمه في المدارس يهدف إلى التهذيب والتثقيف وتطبيق شريعته على مسائل الحياة المختلفة. فهو يختلف عن الديانة الهندوكية، وأظن أن سلامة يعرف الهندوكية ويعرف ما يبرر فصلها عن الدولة في الهند، ولكن الذي لا يعرفه - على أحسن الفرضين السابقين - أن الإسلام ليس كالهندوكية في ذلك. فلا محل للمقارنة، التي بدأها وعاد إليها، بين ساسة الهنود وساسة العرب، وما كان أحراه أن يمسك بزمام (فكره الحر) فلا يدعه يخبط ذلك الخبط العجيب.

ومن جهل سلامة موسى أنه لا يعرف أن المجتمع الإسلامي عاش قروناً على الجمع بين الدين والدولة، وأن الأزمان التي أصابه فيها الضعف هي التي كان فيها الساسة يبعدون عن الدين، وأن المجتمع الإسلامي والدول الإسلامية كانت تحتضن علماء ومفكرين من غير المسلمين وتكرمهم وتحلهم المكان اللائق بهم، وأن هؤلاء وغيرهم من سائر المخالفين في الدين كانوا يعيشون مع المسلمين عيش المواطنين المتضامنين، فلم نسمع عن خلاف أو شجار حدث بسبب التعليم الديني بين المسلمين والمسيحيين، ولم نسمع أن أحداً من المسيحيين خرج على مقتضى الترابط الاجتماعي فآذى أحداً أو أطلق (أفكاراً حرة) كالتي يطلقها سلامة موسى في آخر الزمان. . .

وبعد فإن سلامة موسى يقول دائماً، ويردد مريدوه، إنه صاحب دعوة جديدة في الكتابة، تلغي العاطفة وتحكم العقل وتقوم على الاطلاع والبصر بالأمور، فهل ينطبق هذا على ما كتبه عن تعليم الدين الإسلامي بالمدارس ومقارنته بالهندوكية؟ لقد بينت أنه في ذلك إما صادراً عن التعصب أو الجهل أو كليهما، وفي التعصب (عاطفة) الكراهية، وفي الجهل جهل. . . فهل هذا من مقتضيات تلك الدعوة؟ أو هي (أفكار حرة والسلام!)؟

العصر الإذاعي:

تحدثت السيدة تماضر توفيق المذيعة، إلى محرر مجلة (الاستديو) بعد عودتهما من انجلترا حيث كانت تشترك في دراسات إذاعية بمحطة لندن، فجاء في حديثها عن الإذاعة البريطانية أنه لو حدث أن أذيع هناك حديث يخالف النهج المرسوم لأحاديث الإذاعة فإن المقالات تكتب في نقد هذا التصرف ولوم المشرفين على البرنامج الذين يهتمون بهذا النقد ويعملون على تحقيق ما يوجه إليه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>