تكاد تكون معدومة في هذه الفترة من زماننا. والملاحظة أن تلك الفنون قد تقدمت وارتفعت فيما عدا الموضوع، وخاصة السينما، فالتمثبل فيها جيد على العموم وكذلك ما يسمونه (حرفية السينما) وعندنا بعض المخرجين الذين يجيدون فنهم، وإن كان بعضهم يفرض نفسه على التأليف فيأبى إلا أن يكون مخرجاً ومؤلفاً في آن فلا يكون شيئاً. . . أما القصة فهي بيت الداء في السينما المصرية، وتسعة وتسعون في المائة من قصص الأفلام المصرية لا موضوع لها، فهي حوادث يتخللها غناء ورقص وإضحاك، وأحسنها ما كانت هذه الأشياء فيه ممتعة بعيدة عن السخف، ومن اللوازم التي تتكرر في معظم الأفلام أن تنزل بالبطلة كارثة، أو تقع في أزمة، فتضطر إلى كسب رزقها، ولابد أن تكون مطربة، فتلتجئ إلى ملهي تغني وترقص فيه، وهنا تجئ الفرصة الذهبية لتقف حوادث القصة ريثما يستمع المشاهدون ببرنامج الملهى الطويل. . . وبعد ذلك وعلى مهل يعثر الأب على ابنته والأخ على أخته والمحب على حبيبته حيث تعمل في الملهى، بعد أن يشبع الناس من السماع والنظر والضحك. وهذا كله قد يكون لا بأس به ولكن على أن يغلف شيئاً، أما أن يكون فارغاً فإنه لا يدل إلا على الفراغ الهائل في ذهن المؤلف.
ومن المضحك أن بعضهم يحاول أن يجعل لقصّته موضوعاً (تلبية لرغبة الصحافة والنقاد) وقد قرأت هذه العبارة التي بين الأقواس على الشاشة في تقديم أحد الأفلام، يحاول المؤلف أو المخرج ذلك فيدس فيها شيئاً من قبيل الوعظ الخلقي أو بعض العبارات الوطنية الجوفاء، فلا تزيد الفلم إلا بروداً وسماجة، وذلك للتكلف وإيراد الشيء في غير موضعه. ومما يدعو إلى الضحك والأسف معا أن يقولوا في الدعاية عن الفلم إنه يعالج مشكلة اجتماعية، وليس فيه عن المشكلة إلا بعض مناظر عابرة أو كلمات متناثرة لا تبرز ناحية ذات شأن من المشكلة فضلاً عن معالجتها.
ويدعى هؤلاء المؤلفون أنهم ينزلون إلى مستوى الجمهور، وهذا ليس صحيحاً، لأنهم ليسوا في مستوى أعلى ينزلون منه. . . والنزول إلى مستوى الجماهير لا يكون مفيداً إلا إذا كان مع النازل شيء يقدمه إلى من ينزل إليهم بالاحتيال على إساغتهم إياه.
هذا وفي وزارة الشؤون الاجتماعية لجنة للنهوض بالسينما، لست أدري ماذا تعمل لهذا النهوض إن لم تكن في مقدمة ما تعمله العناية بهذا النقص في الأفلام. وهناك رقابة تمنع ما