العرب جميعاً كان تحطيم الدولة اليهودية المزعومة وتطهير فلسطين من أرجاس الصهيونية إلا أنه حدث نفس الخلاف عندما أمر مجلس الأمن بوقف القتال وتنفيذ هدنة مؤقتة، وبذلك انقسم المجلس إلى جهتين إحداهما ترى رفض الهدنة والأخرى تحبذها، ثم كان أن تنازل الفريق الأول عن مبدئهم إشفاقاً منهم على وحدة العرب في ذلك الوقت الحرج وقبلت الهدنة التي كانت الغلطة الكبرى في حرب فلسطين والتي تسبب عنها هزيمة العرب في تلك المعركة.
هذا فضلاً عما ثراه من انصياع بعض الدول العربية إلى السياسة البريطانية انصياعاً تاماً، ولا يشك أحد في أن بريطانيا التي تعمل جاهدة على تحطيم وحدة العرب بشتى الوسائل والأساليب يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذا الأمر بالنسبة للدول التي تسيرها على الأقل.
هذه الدول العربية المتخمة بالمشاكل والأدواء لا يمكن أن تجتمع في برلمان. هذا وإنه لا يمكنني أن أتخيل العراق أو شرق الأردن أو غيرها من الدول العربية تقبل أن تضحى بشبابها وجنودها لتخرج الإنجليز من مصر أو السودان، كما أنني لا أقدر على أن تصور جيشاً مصرياً يستطيع اجتياز الحدود ليذهب إلى تركيا فيحاربها في سبيل مصلحة سوريا التي تنازع تركيا إقليم الإسكندرونة. ومن العبث أخيراً أن نتوهم جيش الجامعة وقد أعلن الحرب على سوريا ولبنان وفيه جنود من أبناء سوريا ولبنان - ليكون بذلك سوريا الكبرى أو الهلال الخصيب، أليس ذلك المشروع من مصلحة شرق الأردن والعراق والجامعة تعمل لمصلحة الجميع
أرى أن تتجه كل دولة إلى تقوية جيشها وإعداده لتحقيق أهدافها وإدراك استقلالها التام وحريتها الكاملة، ونوم تتحقق للدولة العربية آمالها وتصبح دولا قوته فتية مستقلة لها كيان محترم غير مزعزع. . . يومئذ يجوز أن تتجه أنظارنا إلى تنفيذ مشروع كهذا.