الصواب أقرب مما ورد بالعقد، وذلك لسببين: الأول أن الشاعر يقرر حالة هي إلى قدح القادح أقرب منها إلى (ثناء) المادح، وأي (ثناء) ذلك الذي يوجه إلى قوم لا يحفظون الحريم وينقلبون بين الجيئة والذهاب من حب إلى بغضاء ومن وفاء إلى عداء. والثاني أن الأستاذ الناقد فهم من (الثبات) أنه الدوام والاستقرار، ومن ثم كتب ما كتب معتمداً على رواية العقد وهي كما سبق رواية لا يزكيها واقع الحال. وإنما يقال في مقام التصحيح أن (الثبات) بمعنى الحجة والبرهان تقول: لا أحكم بكذا إلا يثبت أو بثبات أي بحجة وبرهان ودليل).
ليس في كلام الأستاذ عدنان ما يجعلني أعدل عن رأيي في أن الثبات ليس لها هنا أي معنى يستقيم به نظم الكلام ويقوم عليه بناء معناه، وأما تفسيره له بمعنى الحجة والبرهان فتكلف وتمحل وتعمل ينبو عنه الذوق الشعري. وهل يقول شاعر (فهذا ثباتي)؟
وليس في كتب اللغة التي بين أيدينا (ثبات) بمعنى الحجة والبينة، وقد جاء في اللسان:(الثبت بالتحريك الحجة، وتقول أيضاً: لا أحكم إلا يثبت أي بحجة) ولست أدري من أين جاء الأستاذ (بثبات).
والذي حمل الأستاذ على أن يتكلف في تصحيح (الثبات) هذا التكلف البعيد أنه لم يفهم معنى (الثناء)، وعجب من أن أقولإن الصواب (فهذا ثنائي) فقال (وأي ثناء ذلك الذي يوجه إلى قول لا يحفظون الحريم الخ). ولو قد عرف الأستاذ حقيقة الثناء لما قال ذلك بل لما كتب من نقده حرفاً واحداً. إن الثناء ليس مدحاً فقط بل هو ذم أيضاً، يستعمل في الخير والشر على السواء، وقد ورد في شعر زهير:
سيأتي آل حصن أين كانوا ... من المثلات ما فيها ثناء
وفُسر بالوجهين: فمن قال إن (ما) نافية قال: إن الثناء بمعنى المدح، ومن قال إنها موصولة قال: إنه بمعنى الهجاء. جاء في لسان العرب (الثناء ما اتصف به الإنسان من مدح أو ذم وخص بعضهم به المدح. الثناء ممدوح: تعمدك لتثني على إنسان بحسن أو قبيح. أثنى يثني إثناء أو ثناء يستعمل في القبيح من الذكر في المخلوقين وضده).
وإذا كان الثناء يستعمل في الذم في أصل اللغة فليس هناك ما
يدفع قولي إن الصواب (فهذا ثنائي) على أني وجدت للبيت