نفسه، ومعاذ الأدب أن يظن به ظان أنه يمكن أن يقوله، وبمن
يتشبه عثمان إذا لم يتشبه بالفتيان؟ إن في العبارة خطأ لم
يفطن إليه الأستاذ، وصوابه: (ما تغنيت ولا تمنيت) أي ولا
كذبت جاء في النهاية ٤١١٩ (وفي حديث عثمان: ما تغنيت
ولا تمنيت، ولا شربت خمراً في جاهلية ولا إسلام وفي
رواية: ما تمنيت منذ أسلمت، أي ما كذبت. التمني: التكذب،
تفعَّل من منى يمني إذا قدَّر لأن الكاذب يقدر الحديث في نفسه
ثم بقوله. قال رجل لابن دأب وهو يحدث: أهذا شيء رويته أم
شيء تمنيته؟ أي اختلقته ولا أصل له).
وقد كان ابن دأب هذا - واسمه عيسى بن يزيد - من أحسن الناس حديثاً وبياناً، وكان شاعراً رواية وافر الأدب، صاحب رسائل وخطب غير أنه كان يضع الأشعار ويزيد في الأحاديث ما ليس منها. وناهيك برجل يسمه خلف الأحمر بالكذب ويصفه بأنه آفة، وفيه يقول ابن مناذر:
ومن يبغ الوصاة فإن عندي ... وصاة للكهول وللشباب
خذوا عن مالك وعن ابن عون ... ولا ترووا حديث ابن دأب
ترى الهلاك ينتجعون منها ... ملاهي من أحاديث كذاب
إذا طلبت منافعها اضمحلت ... كما يرفض رقراقي السحاب
وقد توفي ابن دأب في سنة إحدى وسبعين ومائة في أول
خلافة الرشيد. وترجمته في لسان الميزان ٤٤٠٨ وتاريخ بغداد
١١١٤٨ والمعارف ٢٣٤ ومعجم الأدباء ١٦١٥٢.