للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بين شفتيها كأنها تشجع القلب المحروم على أن يحب. . .

. . . فتاة في العشرين من عمرها أجمل ما فيها عيناها السوداوان المتألقتان كنجمتين في سماء غسلتها دموع الملائكة.

وقد تحدثنا كثيراً، وكان حديثها عذباً، حلو النبرات، وشعرت بأن عينيها تحدثاني فأنصت إلى الإيقاع الروحي الصادر من الأعماق. . . وبان لي إنها متذمرة كأنها تعيش في سجن، خائفة كأنها تتوقع شيئاً مؤلماً، وكانت ثقافتها الفرنسية ذات اثر عظيم على نفسها، بذرت فيها بذور الانطلاق، ونسجت حول مخيلتها العوالم تخلقها قصص الحب. . . والعاطفة الملتهبة.

ولما رجعت إلى بيتي لم أكن وحيداً. . . فقد كان خيالها لا يبرح مخيلتي، وما زلت أشم عطرها الآسر، وألمح ابتسامتها الجميلة. . . وكانت معي أحلامي المجنحة. . . يا عجباً أبهذه السرعة تنبت. . . فأشعر بظلالها تعمر فكري؟

ورحت أنتظر صديقي والنوم هجر أجفاني، والرؤى ملأت عالمي. . . ولما سمعت وقع أقدامه قفزت من فراشي، وطفقت أتطلع إلى شفتيه المنفرجتين عن ابتسامة ماكرة.

قال:

- أتعرف ماذا تقول عنك. . . إنك في نظرها طفل غرير. بالمكر المرأة يا صديقي. . . هل أحست بنظراتي تضرعاً، وباختلاج شفتي ظمأ لرحمة؟!

ثم قال: ولكنها تريد مقابلتك مرة ثانية.

فقفزت فرحاً كأنني أبرهن على صحة نظرها. . . وقلت:

رحماك يا صاح حدثني عنها. . . أقصص على أخبارها. . . أي نوع من النساء هي؟ فصاح صاحبي.

- يالك من طفل. . . أتعلقت بها من أول لقاء؟

لا. . . لا. . . لم أتعلق بها. . . ولكني أحس بظمأ يحرف روحي إلى أن التقي بها وأنظر إليها. وأتحدث معها. . . وأتملى سحر وجهها. . . وأتحدث إلى عينيها الساحرتين. . . وأغمر قلبي في وجهها العاطر.!!

وفي اليوم الثاني ذهبت إليها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>