من الكتاب على الشعراء في إحكام صنعة الشعر، وإنما فضلوهم على العلماء في نقد الشعر.
وإن أردت المزيد فاقرأ قول ابن رشيق في باب آخر أسماه:(باب في أشعار الكتاب) قال: (وليس يلزم الكاتب أن يجاري الشاعر في إحكام صنعة الشعر لرغبة الكتاب في حلاوة الألفاظ وطيرانها، وقلة الكلفة، والإتيان بما يخفف على النفس منها. وأيضاً فإن أكثر أشعارهم إنما يأتي تظرفاً لا عن رغبة ولا رهبة فهم مطلقون مخلون في شهواتهم، مسامحون في مذهبهم إذ كانوا يصفون الشعر تخيراً واستظرافاً).
ولنا بعد هذه الملاحظة ملاحظة أخرى تلك هي مسألة القوافي وترتيبها في الديوان، فقد سلك في بعضها مسلكا غير المتفق عليه عند العروضيين وعلماء القافية، ووضع بعضها في غير موضعه، وقد يعتذر عنه بأنه نقل ألقاب القوافي وترتيبها كما وردت في الأصل الذي اعتمد عليه، ونقل عنه.
وهذا الخطأ في أول الديوان وفي أواخره. من ذلك أنه جعل الشعر الذي أوله:
من يكن رام حاجة بعدت عن ... هـ وأعيت عليه كل العياء
والذي أوله:
جمع الله للخليفة ما كا ... ن حواه لسائر الخلفاء
من قافية الألف، وهي ليست كذلك، وإنما القافية المهمزة والقصائد تنسب إلى الحرف الذي بنيت عليه، وهو الروى، فيقال قصيدة دالية أو رائية أو ميمية وهكذا إذا كان الحرف الذي بنيت عليه دالا أو راء ميما، أما الألف هنا فهي ردف والردف هو حرف مد قبل الرويِّ.
ومن هذا أن في الديوان خلطاً عجيباً فيما سماه قافية الهاء فقد جعل منها كل شعر آخره هاء، وإن لم تكن الهاء روياً، ففي:
ما أعجب الحب في مذاهبه ... ما ينقضي القول في عجائبه