إلى نهر إبراهيم، والخارجة حدها القديم من نهر الكلب إلى الحد الفاصل بينها وبين مقاطعة المتن: وتمتد الحدود من البحر إلى الجبال: ومع علمنا بهذا التحديد يطلق المؤرخون اسم كسروان تساهلاً منهم على بقاع تقع في الجزء الشمالي من هذه البقعة بالذات: ويتكرر هذا في معظم من كتب بعد حوادث الفتوحات التي تمت في عصر الملوك الثلاثة.
ولكن المدقق يجد أن الحوادث التي كانت مدينتا (أهدن)(وبشرى) مسرحاً لها تقع في مقاطعة كانت تسمى باسم (جبة بشرى) في هذا العهد ثم أصبحت (جبة الحدث) في عهد قايتباي: ومن هذه الناحية بالذات مقاطعة كانت تسمى الضنية وهي ترد في كتب المؤرخين باسم جبال الظنيين: ولقد اعتمدت في تحقيق هذا الاسم على مصدرين:
الأول: هو ما ورد في وثيقة الهدنة التي عقدها الملك المنصور قلاوون صاحب مصر مع جماعة الاسبتار وبيت طرابلس (٦٨١هـ ١٢٨٠م).
الثاني: ما جاء في كتاب الشيخ طنوس بن يُوسف الشدياق
جاء في عقد الهدنة ذكر بلاد السلطان الملك المنصور:(ما هو مجاور لطرابلس ومحادد لها من المملكة البعلبكية جميعها وجبالها وقُراها الرحلية والجبلية وجبال الضنيين)
وجاء في المرجع الثاني:(لما قدمت الفرنج من إنطاكية سنة ١٠٩٩، وفد إليهم أناس من المردة من جبل سير وصقع الضنية). فجبال الضنيين هي إقليم أو صقع الضنية الذي أشرنا إليه والواقع في الجزء الشمالي من إقليم جبة بشرى وهذا الإقليم ينحدر من أرز لبنان إلى سير ثم إلى طرابلس.
ومن هذا نعلم أن ذكر (أهدن) و (بشرى) في إحدى الحملات لا يجعل لكسروان شأناً وبينها وهذه البلاد مناطق: أو قطاعات كانت تسمى باسم بلاد واقعة على الساحل أو في الجبال كما يتضح ذلك من وثيقة الهدنة نفسها.
فقد جاء فيها عند الكلام على بلاد الفرنجة أي الأبرنس صاحب طرابلس ما يأتي:
طرابلس وما هو داخل بها ومحسوب عليها. أنفة وبلادها. جبيل وبلادها. صنم جبيل وبلادها (وأرجح أم جبيل). البترون وبلادها (وكلها على الساحل) وضع هذا النص عند قصد - ثم عرقاً وعدتها ٥١ ناحية.