كسروان والجرد من أهل لبنان، ولما عاد برقوق لملكه بعث بجند مصر إلى الساحل فأخضعت البلاد بأكملها وجاء في أخبار الأعيان أن الظاهر برقوق تةجه بنفسه إلى بلدة بشرى فأقام يعقوب ابن أيوب مقدماً وكتب له صحيفة نحاسية ثم نزل إلى (دير قنوبين) حيث مدافن بطاركة الموازنة فأنعم على الدير العتيق بإعفائه من الأموال الأميرية بموجب صحيفة نحاسية.
وأعود فأقول بأن القطاع الشمالي من لبنان حيث يقع أرز لبنان كان خارجاً عن نطاق الهدنة (بين قلاوون وصاحب طرابلس) كما قلنا ولذلك جاء في كتاب البطريرك اسطفانوس الدويهي إنه وجد في أرض الحدث بقرب دير القديس يوحنا كتاباً للصلاة مدونا فيه ما يأتي عن فتح أهدن وبشرى:
إنه في سنة ١٢٨٣ أي بعد هدنة طرابلس التي تمت في أيام المنصور قلاوون بعامين (إن العساكر الإسلامية سارت إلى فتح جبة بشرى وصعدت إلى وادي حيرونا وحاصرت قرية أهدن وتم فتحها بعد أربعين يوماً وأخرجت القلعة والحصن الذي على رأس الجبل) ولم يكن بوسع الإفرنج في طرابلس ولا جماعة الاسبتار تقديم المساعدة لأهل أهدن لارتباطهم بنصوص عقد الهدنة ولذلك أتم المصريون فتحها قبل سقوط القطاع - الكسرواني وقطاع جبيل في أيديهم. وقد رأيت كيف تمكن الظاهر برقوق بلباقته بعد قرن من الزمن أن يجذب قلوب هؤلاء السكان الأشاوس وأن ينقلهم من معسكر أعدائه إلى معسكر الحلفاء الأوفياء: فلله دره.
أما الأمير جمال الدين أقرش الأفرم نائب السلطنة فبقي بنيابة الشام حتى دخلت سنة ٧١١ لما نقله الملك الناصر محمد إلى نيابة طرابلس بإشارة الإمام ابن تيمية فبقى بها حتى انضم إلى قرانسنقر وذهبا سوياً إلى بلاد التتار بعد أن أديا لمصر أكبر الخدم.