للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يوشك أن ينفرج أمامه عن منصب في الجيش ذي شأن، ورضيت الفتاة به حين خلبها بشبابه وزيه وحين أسرها جماله وحديثه.

وعاشت الفتاة إلى جانب زوجها تسعد برفقته وتطمئن إلى رأيه، وترعى شأنه، وتصبر على شظف العيش وراتبه ضئيل تافه؛ وأبوها يرى ثم لا يقبض يده عنها. وعاش الزوج شقياً بجمالها تأكله الغيرة حين يراها تشع نوراً يخطف البصر، وتصفعه الأنانية حين يلمس فيها معاني الشباب تخطف القلب. لطالما حدثته نفسه بأن يضرب بينها وبين العالم بحجاب لا تستطيع أن تظهره. ولكن أنى له أن يفعل وهو لم يرى عليها من سوء ولم يحِّس فيها من عقوق. وتصرمت الأيام تبذر فيها معاني الإخلاص والمحبة، وتؤرث فيه هو معاني الأنانية والغيرة. والفتاة تسبح في حمق عميق لا ينفذ بصبرها - وهي في عمايتها - إلى بعض ما يتأجج في صدر زوجها.

ومضت سبع سنوات جنت الزوجة في خلالها ثمرتين من ثمار الحياة فيهما سعادة القلب وراحة البال وفيهما جمال الحياة وفرحة الدار. . ثمرتين هما الابن والابنة. واطمأنت الزوجة إلى حياتها والى ولديها، فهي تقضي يومها بين حاجات الزوج ورغبات الطفلين لا تحس الضيق ولا تجد الملل.

وطمع الزوج الأحمق أن تنحط الأيام على الزوجة المسكينة فتتوزعها بين شغل الدار وشغل الابن وهم الزوج جميعاً فتستلبها من جمالها أو تعبث بسحرها. ولكن الأيام لم تزد الفتاة إلا إغراء وفتنة، وغاظ الزوج ما رأى فاندفع يذيقها فنوناً من العنت والإرهاق لعل الأسى يمد يده الجاسية إلى مفاتنها فيمسح سمات الجاذبية والروعة ويمحو آثار الحسن والرواء. غير أن الفتاة العاقلة لم تلق بالاً إلى حماقات يرتكبها زوجها عن عمد ليثير في الدار لظى من خلاف يعصف بها وبولديها في وقت معاً.

وضاق الفتى بصبر زوجته فانطلق ينفِّس عن نوازع شيطانية تثور في نفسه ويكفكفها على كره منه. انطلق ينفس عن نفسه فتعرَّف على فتاة من بنات الهوى، وسوَّلت له نفسه الوضيعة أن يدس لزوجته من يخبرها خبر حبه الجديد. وقالت الزوجة الحصيفة للرسول (ويل لك! لا أخال زوجي يرضى بأن ينحط في مهاوي الرذيلة بعد أن جاوز سن العبث!) قال الرسول (لعلك ترمينني بالكذب! إنه يلقاها مساء كل يوم في مكان كذا من القاهرة)

<<  <  ج:
ص:  >  >>