على اقتناعه شخصياً بهذه الفكرة. . . ونظر إلى مبتسماً.
وقد كنت على حق في أن موضوع المعاهدة سوف يتخذ دعاية ضد مصر؛ مع أن المراجع المصرية لم تتعرض بتاتاً لمسالة عقد معاهدة جديدة بين سوريا وفرنسا أو إعادة المعاهدة السابقة. ولذلك دهشت حين سمعت شكري بك القوتلي يصرح في منزله (أن مفاوضات القاهرة لم تعد أساساً يصلح للسير عليه) فهل كان يقصد بذلك عودة هاشم الأتاسي للرئاسةأم موضوع المعاهدة؟ لم يترك لي الحاضرون الوقت الكافي لقراءة ما يجول بخاطره، فقد تدخل بسرعة سعد الله الجابري، فاعتذر شكري بك بأنه لم يطلع الإطلاع الكافي على تفاصيل هذه المفاوضات وأسرارها.
ولما توجهت بنظري نحو جميل مردم بك قال أنه سيتولى تفاصيلها وشرحها لشكري بك. أما أنا فانتهزت الفرصة وأكدت أمام الحاضرين أن موضوع المعاهدة لم يكن محل بحث في القاهرة. ولست مكلفاً بالدخول في أى شأن يخص العلاقات بين سوريا وفرنسا من هذه الناحية وقد استشهدت بجميل بك فأقرني على ذلك
ولما عدت إلى بيروت علمت من المصادر المختصة أن الإنجليز المحليين لا يوافقهم إبرام أي معاهدة بين الفرنسيين وسوريا ولبنان، وأن رأيهم فيما يخص معاهدة ١٩٣٦ هو أنها تؤكد سيطرة فرنسا في البلدين، أما السفير الأمريكي فاكتفى بأن قرأ على مجموعة من برقيات واشنجتون وكلما نشرح وجهة النظر الأمريكية التي تتمسك بنصوص نظام ميثاق الأطلنطي وأنه يجبُّ كل ماعداه. ولا لزوم لعقد مثل هذه المعاهدات: ومن هنا فهمت سر التطور الجديد ضد فرنسا.
كثرت مقابلاتي في شهر مارس سنة ١٩٤٣ مع الجنرال كاترو وتناولت أحاديثي معه عدة مسائل كان بعضها خاصاً بمركز القوات الفرنسية ومعسكراتها في مصر. وفي إحدى هذه المقابلات أشار إلى المتاعب التي يلقاها لجمع شمل رجال السياسة السوريين وقال أنه دائم الاتصال بهم ويحاول جهده التغلب على المصاعب التي تبرر كل يوم أمامه. وكان مما ذكره أن عودة الدستور والحياة النيابية إلى سوريا ولبنان أمر مفروغ منه، وهذا لما تم الاتفاق عليه بالقاهرة، ذلك الاتفاق الذي اعتبره الجنرال خاصاً به، ولذا فقد بذل الجهود حتى أقنع الجنرال ديجول ولجنة الفرنسيين الأحرار، حتى وافقوا على تنفيذه، وأن