مندوبوها على هذا القرار بأنها في كل اتفاق يحصل بشأن المسألة المصرية لا تبحث عن احتلال أي جزء من أراضى مصر ولا الحصول على امتياز خاص ولا على نيل امتياز تجارى. . الخ)
أحقاً هذا؟! أحقاً ينخدع الباب العالي ويؤمن بنزاهة الميثاق وتنجح السياسة الإنجليزية في اتخاذه مخلب القط أثناء الاحتلال. خطب اللورد دفرين سفير إنجلترا وممثلها في المؤتمر فعرض لتفاصيل الحالة في مصر قائلاً:(إن وزارة راغب باشا هي أداة في أيدي الثائرين، وأن الخديوي لا حول له ولا قوَّة. ثم أهاب بالدول أن تأخذ الثورة المصرية - على حدَّ قوله - بالشدة حتى لا يستعمل نفوذها فلا يعود من السَّهل استئصال شأفتها. وقال إن الوسائل الفعالية التي يجب اتخاذها لإعادة حكومة منتظمة إلى مصر يجب أن تصدر عن الحضرة السلطانية.
وهكذا نجحت إنجلترا في إقرار مبدأ التدخل في شئون مصر الداخلية. بل إن جمود الدولة العثمانية كان سبباً في تمكين الإنجليز من التدخل بمفردهم بعد أن خلقوا (الحالة القهرية) التي استدعت في زعمهم ضرب الإسكندرية.
ألم تكن مهزلة المهازل أن يتم ضرب الإسكندرية واحتلالها ومؤتمر الآستانة مع ذلك موجود ولا يستحي المندوبون فيه من مواصلة عقد الجلسات بعد أن تمًّ ذلك العدوان؟ ألا تكون الدولة العثمانية مسئولة عن هذا الاحتلال وهي التي مكنت - سواء بضعفها أو غفلتها أو جمودها - من التدخل الإنجليزي باسمها وباسم الخديوي؟!
كيف ترضى الوقوف في جانب الإنجليز - وهي تعلم سياستهم ونياتهم فتؤيدهّم بنفوذها الروحي والسَّياسي ويُجارها في ذلك الخديوي فيطعن الحركة العرابية في الصميم بإيقاع الانقسام بين رجالها وبالتالي في القضاء عليها؟ كيف ترضى الدولة لنفسها هذا الموقف العجيب فتؤيد دهاقنة الإنجليز ضد عرابي. . . عرابي الذي كانت تعلم حق العلم حقيقة نواياه وأطماعه. أليس من العجيب أن يكون عرابي من الخطورة على الدولة العثمانية وعلى الخديوي بحيث يضطرها إلى الاستعانة بإنجلترا في القضاء عليه؟ أما كانت الدَّولة العثمانية بتصرفها هذا كالمستجير من الرمضاء بالنار؟ والله يعلم أن حركة عرابي والعرابيين كانت على الدولة وعلى مصر أبعد شيء عن الرمضاء، وأن الإنجليز كانوا