إن قوة البيان، وفصاحة اللسان، وحسن المنطق والقدرة على التأثير في السامع مع رجاحة العقل، تكسب الإنسان شخصية وتجعل له منزلة بين سامعيه، ولذلك لما أُمر سيدنا موسى عليه السلام أن يذهب إلى فرعون، شكا موسى العي في القول، وطلب من الله أن يرسل معه أخاه هرون لفصحاته قائلاً:(وأخي هرون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي ردءاً يصدقني) يريد فرعون. وإننا لا نريد بالفصاحة والثرثرة والتشدق والتوعر في الكلام، كما لا نريد بها أن يزيد كلام الإنسان على عقله، بل نريد حسن التعبير عما في النفس، وقوة التأثير في المستمع، والتكلم من غير تهيب أو تخوف بحيث يكون الكلام حلواً رشيقاً، سهلاً عذباً مؤثراً. أما العيّ والحصر واللجلجة، والتمتمة والفأفأة وكثرة التردد في القول، والخجل في أثناء التكلم فتقلل من تأثير الشخص في سامعيه. وإن حُسْن التعبير عما في النفس شرط أساسي لقوة الشخصية، وهو يتطلب العلم بالشيء الذي نريد التكلم عنه؛ لأن أفكارنا إذا عرفت كان من السهل التعبير عنها. وكما يجب أن نعرف ما نريد أن نقول، وما نريد أن نفعل، كذلك يجب أن نحسن القول ونحسن العمل. وما أجمل الكلمة الصائبة في اللحظة المناسبة. وكما ينبغي حسن التكلم والخطاب، كذلك ينبغي حسن الإصغاء والاستماع للغير. وقد تكون لدينا الأفكار السامية ولكننا نحتاج إلى شجاعة في إظهارها حتى ينتفع بها غيرنا. . .