فما أحست إلا وهي ترمى بنفسها إلىالأرضوقد انهار من ورائها.
ونهضت مذعورة فزعة، ولكن سرعان مازال خوفها وانبسطت أساريرها ولمعت عيناها بخبث وهي تنظر إلى الجدار المنهار ثم قالت بحقد وتشف: أنه سيكون شغلاً مناسباً لريف الأبله أن يعيد بناءه، ولسوف أهدمه ثانية وثالثة، أيضاً كلما بناه، فالتعب هو أنجح دواء للحمقى المائعين أمثاله.
ولدى آخر كلمة قالتها إذا بعينيها تتسع ذعراً عنها صيحة مكبوتة عندما حانت منها التفاته فرأت من ورائها تماماً ريف بارامور.
لقد كان ريف بعينه جالساً إلى جذع شجرة منهمكاً في صنع أوتاد خشبية. وكان ينظر إليها وعلى فمه ابتسامة الظفر.
فأسرعت جيزيا واختطفت سلة البيض وركضت هاربة. ولكن ريف قفز وراءها يتبعها بخطوات واسعة ويقول: لقد سمعت كل ما قلت يا جيزيا، ولا أظن أنك بهذا العمل على شيء من النبل أو اللطف، ولكن على أي حال فأنت تعرفين العادة في قريتنا التي تحتم على من يهدم جداراً أن يبنيه بنفسه، لذلك فأنت الآنيجب أن تبنيه كما هدمته.
فوقفت جيزيا تنظر إليه بازدراء وتتحداه قائلة: كلا لا أريد أن أبنيه
فقال ريف بتهكم: ولكنك ستبنيه لأنني سأجبرك على ذلك.
فغاض لونها وقالت: إن سخرية الأقدار أن تكون أنت أول رجل يجبرني على عمل لم يخطر لي على بال. تنح جانباً ودعني أذهب.
قال كلا لن أفعل، فأنت معتدية، والمعتدى يجب أن يدان، وأنا الذي سأدينك بإكراهك على بناء الحائط بنفسك.
فقالت بصوت مختنق: إذا فعلت هذا فسأملأ الدنيا صراخاً.
فقال بتهكم: اصرخي ما شئت فلن يسمع صراخك في هذا الحقل النائي أحد غيري.
فلم تجد جيزيا بداً عن كبريائها فقالت بلهجة المتوسل: ليس من النبل والرجولة في شيء أن تجبر فتاة مثلى على هذا العمل الشاق ياريف. فإنا لم أخلق لبناء الجدران. وكأن لهجتها الرقيقة هذه قد حركت أوتار قلب ريف، فتبدلت ملامح وجهه فجأة وجعل يتفرس فيها برهة ثم قال: إن بناءك للحائط سيكون لك درساً في إذلال كبريائك كما أذللت كبريائي من قبل