وقد ظهر لي جليا أن الجنرال كاترو كان من بين الفرنسيين القلائل الذين أدركوا قبل الأوان صعوبة مركز فرنسا في سوريا ولبنان مع وجود الجيوش البريطانية فيها، وكان هناك فريق منهم يعيش سنوات ١٩٤٣ - ٤٤ - ١٩٤٥ على غرار١٨ - ٢٠ - ١٩٢١ حينما وجدوا البريطانيين قبلهم في البلاد: وجاء كاترو فكان بين أمرين.
١ - أما التظاهر بالتعاون مع الحليفة إلى نهاية الشوط.
٢ - وأما التصادم من المبدأ معها
وقد فضل أن يجاريها في سياستها وأساليبها مع احتفاظه بحقوق بلاده، ولكنه لم يجد إخلاصا ولا تعاونا ولا فهما من معاونيه، ولذلك لم يلازمه النجاح الذي كان من المرجح أن يلاقيه
كنا ننتظر الوصول إلى نتائج حاسمة في النصف الأول من نهر ما حينما جاء المولد النبوي الكريم فأضطر الجنرال الفرنسي إلى قطع استشاراته لحضور الاحتفال به في بيروت، حيث أقيمت احتفالات رأى فيها المسلمون فرصة للأعراب عن وجودهم، ورأت فيه فرنسا فرصة لإعلان احترامها للنبي العربي.
ثم حدث تصادم لطائرة فرنسية مات فيها الكولونيل باريل وجرح فيها الجنرال ماسيت، وقد أقيمت جنازة عسكرية شائقة للفقيد الفرنسي وسارت فيها وحدات الجيوش الفرنسية المختلفة وقد تسلمت الكثير من عتاد الحلفاء وملابسهم وأحذيتهم وألقى الجنرال كاترو قطعة رائعة في رثاء الكولونيل القتيل كانت خير ما يمكن أن يعبر عن حداد فرنسا المقاتلة. . . وآمالها.
لا أدري إذا كانت بعض المصادفات تؤثر في اتجاهات معينة وعلى كل فإنه بقدر تحمس الفرنسيين للوصول إلى هاشم بك في تلك الفترة بقدر ما قامت الصعاب أمامه من ناحيتين: الطريقة التي سيعود بها إلى الرياسة هل تكون بناء على دعوة الجنرال وكيف تصاغ ثم الناحية الثانية: وهي ازدياد شقة الخلاف بينه وبين أنصاره.
ومرت الأيام وكان الجنرال قد ترك دمشق وعاد إلى بيروت تاركا أمر المشاورات في سوريا لمعاونيه: ثم عاد في الفترة الأخيرة من مارس إليها.
وفي يوم ٢٤ مارس سنة ١٩٤٣ تلقيت منه كتابا مطولا يعرب فيه عن أسفه لأنه لم يوفق