والفكرة الدينية من جهة أخرى. وبعد بضع سنوات أصبح هذا الوضع، بفضل الجامعة العربية، من المبادئ الأزلية الذي ربما ينطوي الإسهاب في الكلام عنها على مجازفة خطرة.
قامت الجامعة العربية فابتهج بها المسلم الهندي كما أنه ابتهج بميثاق سعد آباد أو أي مظهر آخر للتقارب بين المسلمين حتى زواج الأميرة فوزية من جلالة شاه إيران، وربما عبر عن ابتهاجه بما ينبئ عن اعتقاده بأن الكتلة العربية أشد ارتباطا بالمسلمين في الأقطار الأخرى من شقيقتها و (بترونها) الكتلة اللاتينية فتحفزت الجامعة مرات عديدة لإنقاذ سمعتها كهيئة إقليمية محضة ونفت اهتمامها بالدين وأهل الدين حتى لا تفسد عليه صفقة الأصوات. وهكذا مضت الجامعة في تنسيق السياسة الخارجية للدول العربية تتوخى كسب الأصوات وتبادل (المواقف) - الذي يستلزم في بعض الأحيان التهاون في الحق - تحاول تهدئة فرنسا في دورة للأمم المتحدة ومساومة أسبانيا في دورة أخرى حتى أثبتت حوادث فلسطين أنها لم تكن خلقت لغير هذا العمل؛ وعلى كل حال فإن الجامعة العربية، مع أنها لم تكن تصلح من حيث تراكيبها لمقاومة الاستعمار إلا إذا كان من نوع معين، أيقظت شعورا قويا بين الشعوب العربية نحو التآلف والتآزر حتى أن هذا الشعور المتدفق ربما سبب متاعب للحكومات المصطنعة الغير الممثلة المتلكئة في الأمور، ولكن يجب التصريح بأن هذا الشعور إنما كان مبنيا على أساس العروبة وتناسي الدين أعني الإسلام.