إنه أخبر أنه لا يكون. ويقول الأسواري إذا أفرد أحد القولين عن الآخر ما كان الكلام صحيحا؛ أما إذا افترق القولان كان ذلك مستحيلا. وذلك على عكس ما هو عند الإنسان؛ لأنه ليس من المستحيل أن نلاحظ عند الإنسان فرقا بين معرفته لعمل واجب أداؤه والامتناع عن أداء هذا العمل؛ لأن الإنسان قادر على الضدين في حين أن الله لا يوجد فيه تغير، وعلمه وإرادته وقدرته تعالى هي ذاته وذاته لا تتغير.
وهناك رد آخر على هذا السؤال. فتقول المعتزلة: إذا علم الله أن حدثا أو عملا أو شيئا لن يحدث لعجز أو استحالة في الحدث أو العمل أو الشيء نفسه (مثل تربيع الدائرة أو إرسال المؤمنين إلى النار) أو لعجز من قبل الله على حدوث هذا العمل أو الشيء إذ أن حدوثه ينافي النظام والقوانين المسنونة للعالم منه تعالى، فإن هذا الحدث أو العمل أو الشيء لم يحدث أبدا ما دام وجد العجز أو الاستحالة.
في هذا الرد نجد اعتقادين راسخين عند المعتزلة وهما أن العالم خاضع لنظام كامل تام مطابق لعلم الله؛ وبما أن علم الله لم يزل ثابتا فنظام العالم ثابت أيضاً لأنه لو تصادف وأصبح هذا النظام غير مطابق لعلمه تعالى فعلمه لم يعد كاملا. وبما أن علمه هو ذاته فتصبح الذات والحالة هذه هي غير كاملة أيضاً وهذا تناقض.
وتزيد أكثر المعتزلة على ذلك قائلين: ما علم الله أنه لا يكون لاستحالة أو لعجز عنه يجوز أن يكون على شرطين: أن يرتفع العجز عنه وإن تحدث القوة عليه. ولكن في هذه الحالة كان الله لم يزل يعلم برفع العجز عن هذا الشيء وبحدوث القوة عليه. وهذا لا يناقض كماله تعالى.
فنلاحظ أنه مهما اختلف وضع المسألة فالحل واحد وهو أن المعتزلة تردد دائما أن الله لم يزل عالما بالأشياء كلها ولا يجوز حدوث شئ إلا وهو لم يزل يعلمه.
لما كان الله لم يزل يعلم كل شئ فكيف يمكن أن نتكلم عن حرية الاختبار عند الإنسان لأعماله؟ أهو حر فعلا أم مجبر؟ إنها لمسألة في غاية الدقة والأهمية وهاك رأى المعتزلة فيها.
علم الله ومصير الإنسان في الآخرة:
يحدثنا ابن حزم عن رأي لهشام القوطي المعتزلي تشاركه فيه جميع المعتزلة لأنه يعبر عن