وكان أكثرهم في جيش أسامة، ماعدا البعض منهم فانه بقي في المدينة مع أبي بكر، أو أوفد في حياة الرسول عاملاً أو معلماً أو مبشراً إلى الأقطار العربية النائية، أو جابياً أو معلماً إلى القبائل العربية القريبة.
ويلي المهاجرين والأنصار قريش التي أسلمت بعد فتح مكة وأبلت بلاءً حسناً في الإسلام بعد ذلك. أجل، إنها لبت الدعوة أخيراً وقسراً، إلا أنها اقتنعت أن عز الإسلام من عزها فناصرت الرسول في حياته من أعماق قلبها، حتى أن الرسول بعد فتح مكة رضى أن يظل البعض من قريش مشركاً حتى يفتح الله قلبه، ومع ذلك لم يحجم هذا البعض عن الجهاد معه في غزوة صفين أو في محاصرة الطائف.
ولعل القوة التي كانت قريش تستطيع أن تجهزها للقتال زادت على ألفي مقاتل على أقل تقدير.
ويلي قريشاً القبائل الساكنة بين الحرمين، مكة والمدينة، وهي التي ناصرت الرسول في دعوته. وقد اشترك بعضها في الغزوات، وجاهدت أخيراً في حروب الرسول. فقربت هذه الحروب بينها وبين المهاجرين والأنصار وربطتهما برباط متين. فلا مندوحة إذن من أن نرى أبا بكر يدعوها إلى الجهاد لما كان جيش أسامة بعيداً عن المدينة، فلبت دعوته راغبة مطيعة، وهذه القبائل هي: أسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينة وكعب وغيرها.
ولعل القوة المحاربة في هذه القبائل لم تزد على ثلاث آلاف.
وتليها قبيلة بني ثقيف الساكنة بين مكة والطائف وهي خير من أسلم من قبائل الحجاز. واشتهرت بشدة مراسها وصلابة عودها؛ وكانت تعتز بعاصمتها الطائف المسوَّرة. ولم ترتد ثقيف على ما سبق ذكره، بل بقيت متمسكة بالإسلام، وكانت قوتها المحاربة تقدر بأكثر من آلفي مقاتل.
هذه خلاصة القوات التي كان الخليفة يعتمد عليها في محاربته أهل الردة. وقد ظهر لك أنها كانت تبلغ عشرة آلاف متى تيسر جمعها. والواضح أن جيش أسامة بن زيد كان مؤلفاً من معظم المهاجرين والأنصار وبعض رجال القبائل. وذلك لما كان أسامة بعيداً عن المدينة إذ أخذت القبائل المرتدة الواقعة إلى شرقي المدينة تهددها.
ولعل من الفائدة أن نذكر بهذا الصدد مقدار القوات التي استطاع الرسول أن يجمعها في