للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مصالح كثيرة. وسوف نمد إليها يد المساعدة. ولكن هذا التلميح لا يكفي؛ فيضطر وزير الخارجية الفرنسي (سنت هيلير) إلى التصريح (بتفوق المصالح الإنجليزية في نهر النيل وقناة السويس على المصالح الفرنسية) ثم يؤكد في ديسمبر سنة ١٨٨٠ (أنه على استعداد دائم للتصريح بأن المصالح البريطانية في مصر تفوق غيرها من مصالح أي دولة أوربية أخرى).

وهكذا تقاسمت الدول الأوربية الإمبراطورية العثمانية وهي لا تدري. وبدأ التضامن في التقسيم ينمو منذ عام ١٨٧٦ م وقام بسمرك بدور القاضي يوزع بالعدل والقسطاس المستقيم؛ يرضى فرنسا حينا ويرضي إنجلترا حينا آخر، ولكن على حساب تلك الإمبراطورية التي كانت تسير بخطى سريعة إلى نهايتها المحتومة. ولقد لاحظنا كيف تبادل المندوبون التصريحات والتأكيدات حتى لا ينتطح فيها عنزان. بل كانت الملكة فيكتوريا نفسها - كما يتبين من خطاباتها - من أكبر مؤيدي مشروع احتلال إنجلترا لمصر وتثبيت أقدامها في وادي النيل.

وبينما كانت الصحافة الإنجليزية تمهد الرأي العام في الداخل لتقبل ذلك الجديد؛ كانت السياسة الإنجليزية - وقد نالت تأييد بسمرك وفرنسا - قد انفردت بالتدخل في شئون مصر لاسيما بعد أن تلقى ممثلو فرنسا في مصر من وزير خارجيتها تعليمات سرية تدعوهم إلى الموافقة على ذلك الوضع الجديد.

وهكذا نجد أن وثائق التاريخ الحديثة قد أثبتت أن فكرة احتلال إنجلترا وجدت منذ أواخر عهد إسماعيل. وأن إنجلترا بدأت تعمل جديا لتحقيقها منذ سنة ١٨٧٦، وأن ما حدث من حوادث قبل الاحتلال لم يكن إلا من قبيل ذر الرماد في العيون، فاشتراك الدول في مؤتمر الآستانة لا سيما فرنسا كان تمثيلية رائعة أريد بها التمويه على الدولة العثمانية؛ وقد نجحت تلك التمثيلية نجاحا باهرا، وقل مثل ذك في انسحاب الأسطول الفرنسي من ميناء الإسكندرية قبل ضربها وترك الأسطول الإنجليزي يصول ويجول وحده في الميدان. ولماذا؟ ألم يدع الإنجليز فرنسا قبل ذلك بعام واحد تصول وتجول هي الأخرى بمفردها في ميدان تونس؟!

لذلك لا نذهب بعيدا إذا قلنا أن الاحتلال الإنجليزي لمصر كان سيتم سواء وجد عرابي أم

<<  <  ج:
ص:  >  >>