لسعادتك وهنائك فواجبي يحتم علي أن أضحي بحبي وقلبي بلا تردد).
وكم تنفجر عواطفها، وتهتز أعصابها حينما تذكر أنه تزوج بغيرها طلبا للخلف. . . فقد تزوج بعد طلاقه منها من فتاة تدعى (أليس دين) وهي فتاة آية في الجمال وقد وصفها الناس بأنها شقراء الشعر نحيفة القد أنيقة الهندام.
جلست مدام (لاسترا) فريسة لهذه الذكريات تنهش قلبها وتستبد بنفسها فما أنقذها منها سوى قدوم زائرة جاءت لاستطلاع حظها. . . وسرعان ما اعتدلت العرافة (لاسترا) في مجلسها، وسوت شالها فوق رأسها وشبكت يديها وأسندت مرفقيها إلى المائدة فقد لاحظت في السيدة الزائرة من الهيبة والوقار ما حملها على الاهتمام بأمرها، والتطلع إلى مكنون سرها. .
ومن عجب أن هذه (الزائرة) لم تدخل كغيرها في اضطراب وعجلة ورغبة ملحة في استطلاع مخبآت الغيب، بل هي على النقيض من ذلك، إذ أنها دخلت في تؤدة ووقار وهدوء، تظلل محياها الشاحب وشعرها الأشقر قبعة عريضة الأطراف، ولم تلبث أن نزعت قفازها دون أن تبس بكلمة، وكان الإطراق رائدها، ومسحة من الحزن تعلو جبهتها. . . فدل مظهرها على ما تحمله على أمر عظيم وهم دفين. وأخيرا قدمت يدها اليسرى فإذا هي تتحلى بخاتم من الفضة مرصع بحجر من الزبرجد. . . لم تكد السيدة (لاسترا) تبصر هذا الخاتم حتى خفق قلبها عنيفا حتى كاد أن ينخلع من صدرها وإن كتمت مع ذلك شعورها حتى لا تثير شك زائرتها. . فإن هذا الخاتم الزبرجدى هو قرين العقد الزبرجدى الذي تحمله هي حول عنقها، وكلا الخاتم والعقد من مقتنيات العالم الأثري (جيمس كاستيرز) جلبها من تنقيبه في الآثار المصرية القديمة، وليس لهما في عالم الحلي نظير؛ ولا ريب في أنه أهدى الخاتم إلى زوجته الثانية كما أهدى العقد إلى زوجته الأولى. . . بكل هذه الخواطر رفعت السيدة (لاسترا) عينيها إلى وجه الزائرة تلتمس من تقاطيعها ما يؤيد ظنونها ويحقق خواطرها. . . فإذا هي تتذكر أوصافها التي سمعت عنها:
شقراء الشعر دقيقة الملامح أنيقة الهندام؛ في نحو الثامنة والثلاثين من العمر، وبالإجمال لم يبق عندها من شك في أنها هي (أليس دين) المرأة التي انتزعت منها زوجها بعد طلاقها منه. . . وهكذا مضت الزائرة (أليس) في صمتها فبادرتها السيدة (لاسترا) بقولها:
- لقد كنت تعملين على المسرح. . . أما الآن فأنت قد اعتزلت التمثيل وأصبحت زوجة!!.