عشر سنين نازل فيها جلال الدين منكبرتي أحداث الزمان مجتمعة وغلب فيها جهد الأعداء وخيانة الأصدقاء، وجالد عدو المسلمين وخليفة المسلمين. وحارب المغول والتركمان والملاحدة والكرج.
أرأيت جلال الدين نجما يدور به فلك من الخطوب بين المشرق والمغرب؟ أعلمت أن الرجل العظيم يخلق أحداث التاريخ ولا ينقاد لها. إن يكن ما يروى عن جلال الدين مستحيلا فكم بين حقائق التاريخ من مستحيلات.
غياث الدين أخو جلال الدين يمالئ الأعداء أيضاً فانظر إلى البطل العظيم عام ٦٢٨ وقد أجتمع عليه الأعداء وخانه الأخوة والأصدقاء وناء بقلبه خذلان أعوانه لا بطش أقرانه. ها هو ذا مكتئبا حزيناً مشرداً يسير في قرى الكرد ولعله كان ليحاول أن يخلق من عزمه جنداً وحرباً وانتصاراً وملكاً. ولكن رجلاً من الكرد باغته ففتك به:
أتته المنايا في طريق خفية ... على كل سمع حوله وعيان
ولو سلكت طريق السلاح لردها ... بطول يمين واتساع جنان
ولكن النفس العظيمة التي ملأت العدو والصديق هيبة وإعجاباً لا تموت بموت الجسد، فقد أكبر الناس أن يموت البطل الذي غلب الموت في كل معترك. فبقوا أكثر من عشرين عاما يتحدثون أن بطلهم حي وأنه ظهر في هذا المكان أو ذاك. بل حاول بعض الناس أن يلبسوا عظمته ويحملوا أسمه فناءوا بالعبء فأخذهم المغول بغير عناء.
يا شباب الشرق! قلبوا صفحات مجدكم فإن أعظم المصائب أن تمحى ذكرى الآباء من صدور الأبناء. وأن لكم في جلال الدين لعبرة.