واستعان بها عند وضع خريطته، ولكن من حسن الحظ كما عبر الأستاذ ميللمر أن الإدريسي قطع النظر بالكلية عما احتوته خريطة بطليموس بعد الصورة والتحديدات العامة تنفيذا لأمر رجار الثاني، نقول من حسن الحظ لأن الأسماء التي ذكرها بطليموس في خريطته على كثرتها غير مطابقة للواقع بأكثر من ١ % مع التسامح في هذا النسبة، وكذلك درجات العرض والطول المثبتة في خريطة بطليموس تختلف عن الحقيقة بمئات من الأميال، لهذا كان من الحكمة والسداد قطع النظر عما أثبت في تلك الخريطة بالكلية، وكذلك فعل الإدريسي ووصل بمجوده المستقل إلى أن يعطينا صورة صحيحة مطابقة للعصر الذي عاش فيه بما لا ينتظر خيراً منه. الأمر الذي جعل لتقسيمات الممالك في الخريطة الإدريسية وللتقسيمات السياسية على الإطلاق قيمة علمية فائقة. نعم أظهر بطليموس مقدرة العالم الفلكي عند وضعه لخريطته في الوقت الذي أثبت فيه درجات العرض والطول بناء على حساباته العلمية المبنية على القواعد بمقدار لم يصل إليه الإدريسي، ولكن هذا لا يغنيه شيئاً بجانب عدم التحري للحقيقة. وعند الموازنة بين خريطته وبين خريطة الإدريسي نجد أن بطليموس اثبت خطوط العرض والطول معاً ولكنها تختلف عن الواقع بشكل غير مقبول. أما الإدريسي فأنه اثبت درجات العرض فقط ولكن بعد قياسات صحيحة، فهي مطابقة للحقيقة بمقدار يدعو المقدر للخريطة الإدريسية علمياً إلى أن ينظر إليها بعين الإكبار والإجلال. وأما خطوط الطول فقد ترك إثباتها الإدريسي عن قصد، إذ تبين له أن مقادير المقاييس التي وصلت إليه غير صحيحة، ولأنه لم يتيسر له بعد هذا إجراء قياسات أرضية لبيان درجات الطول وقياس الكرة السماوية، وإن كان في الاستطاعة فانه لا يعطي نتيجة مقطوعاً بها.
هناك خريطتان أخريان
(١) خريطة نسبة للدير الذي وجدت فيه بمدينة هانوفر من أعمال ألمانيا.
(٢) خريطة التي وجدت بإحدى كنائس هرفورد بإنجلترا.
وهاتان الخريطتان بالرغم من أنهما وضعتا بعد الخريطة الإدريسية بمائة سنة فلم تكونا عملاً علمياً، وإنما كانتا عبارة عن تخطيطات زخرفية كما عبر الأستاذ ميللر، تمثلان شيئاً من العصور السابقة لعصرهما، غير محتويتين إلا على شيء يسير من الجغرافية