للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يخيم في سماء حياته من غيوم.

واستسلم القلب المنكود إلى القناعة، والعقل المفكر إلى أحضان الواقع:

(إن الدنيا ليست بالجنة، ولم تخلق على هوانا، ولا كان لنا رأي في خلقنا نحن. . . وإنما جئنالأننواميس الحياة اقتضت أن نجيء، فغير عجيب أن يكون ثم ما يسخطنا ولا يرضينا، ولو ذهبنا نتسخط كل ما لا يرضينا لما عادت الحياة محتملة، فالصبر والحكم وتناول الأمور برفق وتسهل، أوجب ما يجب، وأدل شيء على حسن الفهم وصحة الإدراك، وليس هذا من قبيل قولهم ليس في الإمكان أبدع مما كان. . . فإن كل ما في الدنيا قابل لتحسين وإصلاح وتهذيب. . . وإن لم يكن في ذاته غاية في السوء والفساد. . .

. . . وأهرق كأس الحزن على أطلال الماضي، ولم تشغله أشباح الزوال، ولم تعمر فكره الرؤى القاتمة، وتساوى عنده قصر العمر وطوله في مقياس الفكر والإحساس، والشعور والإدراك:

(إننا أعطينا الحياة ولم نعطها بشرط، وقد أعطيناها لنحياها لا لنقطع نفوسنا حسرات على أنها لا محالة زائلة. . . ولا قيمة لطول العمر أو قصره فإن العمر لا يقاس بعد السنين بل بمبلغ ما يعمره من الإحساس والفكر).

وكفرحة الراهب برجوع الصابئ إلى ديره يفرح إبراهيم حين يرجع أحد مرضاه - أحد أشخاص روايته - إلى الطريق السوي. . . فاليوم يعيش في فكره. . . أما قلبه فقد دفنه في الماضي البعيد.

(بغداد)

غائب طعمة فرمان

<<  <  ج:
ص:  >  >>