الشفاه هنا ودمعة تقرح الجفون هناك وحياة في موكب الصفو تمضي وحياة في موكب الشجو تقيم، وكأس مزاجها الشهد للسكارى وليس فيها للحيارى نصيب، وليل يقصر وليل يطول. . . وندامى. . . ويتامى. . . وفرحت يهتز منها شعور وحرقة تلتهب منها صدور، ويا جرعة الصبر في قلوب الصابرين ما أعمق مرارتها، حين يصور لك الوهم في التراب أكواباً من العزاء!
من حمرة الشفق حيث طويت الشمس الغاربة، يصطبغ اليوم وجدان وأنا أستعيد ذكرى حياة. . . حياة أشبه بحيرة الغرب دفعت به المقادير إلى دار غير داره، فكل ما فيها خواء يبعث على الشكوى ويغرى بالرحيل!. . . ولكم وقفت منه موقف الطبيب من مريض تبخرت قطرات الأمل في شفائه: مبضعي الذي يفتش عن مكامن الداء قلم، ودواء الذي يأسو جراح الزمن كلمات. وكان هذا هو كل ما أملكه. . . أعالج بالقلم ودماء القلب تنزف، وأسباب الرجاء تخيب، وزورق العمر يمخر العباب والضباب إلى شواطئ الفناء!
رباه، لقد كنت رحيماً به حين أخذته. . . لقد تحملت سنواته السبع والعشرون فوق ما يحمل طوق الأحياء من عبادك!!
جيته بعد قرنين من ميلاده:
تحت هذا العنوان كتب الأستاذ عباس محمود العقاد مقلاً في عدد أكتوبر من مجلة (الكتاب) جاء فيه: (كارل ياسبر) هو أشهر فلاسفة الألمان المعاصرين، وهو إمام الوجودية الألمانية غير مدافع، وله آراء في علم النفس وأدب السلوك تعد من مبتدعات المذاهب الأخلاقية في القرن العشرين، ومن أجل هذه الآراء يعول على تقديره لشاعر الألمان الأكبر جيته في ذكرى ميلاده، بعد انقضاء مائتي عام على ذلك الميلاد. . . قال ياسبر عن منزلة جيته الأدبية: إنه وإن يكن أعظم الشعراء الفنائيين ٍالألمان، وعلا الرغم من التقدير العالمي العظيم الذي نالته روايته (فارس)، لا يقف في عالم الأدب موقف الند من هومير أو دانتي أو شكسبير على أساس عمل خاص من أعماله. ولكنه منقطع النظير حين نقيسه بمجموعة أعماله وجوانب شخصيته التي كان الشعر والبعث العلمي والجهود العلمية من عناصرها الأولية!
وتقدير ياسبر هذا يطابق تقديرنا للنابغ الألماني العظيم فيما كتبناه قبل سبع عشر سنة،