خرق واسع فيه. . قال: إن طلابنا الموجودين في مصر يشكون من اللغة العامية التي تتحدثون بها لا في الأسواق فحسب، بل كذلك في دور التعليم ومجالس المتعلمين فكيف يكتسبون القدرة على الحديث بالعربية من هذه البيئة؟
سمعت ذلك فلم أستطع إلا أن أهز رأسي آسفاً على هذه الحال وذكرت ما وقع لأحد المستشرقين، وقد جاء إلى مصر لأول مرة بعد أن درس اللغة العربية في بلده هو وزوجته حتى أصبحا يتخاطبان بها، فلما نزل بأحد الفنادق بالقاهرة وجاءه الخادم، قال له: أريد طعاماً. فأنصرف الخادم ثم عاد يحمل إليه (طعمية) فقال له: ما هذا. .؟ أريد شواء. قال خادم الفندق: مش قلت إنك عاوز طعمية!) فبهت الرجل. . . وكتب إلى زوجته يقول: لقد نزلت بالقاهرة زعيمة العواصم العربية، فلم أجد بها من يتحدث باللغة العربية غير زوجك العزيز!
والعجيب أو المخجل أن كثيراً من (المثقفين) المصريين الذين يجتمعون بهؤلاء الأجانب المتعربين، لا يبادلونهم الخطاب بالعربية، بل يحدثونهم بالعامية فلا يكادون يفهمون منهم شيئاً، ويتضايقون من المجالس، مجالس المتعلمين، التي يدور فيها الحديث بالعامية.
وأعود إلى الموضوع، فأقول مع ذلك: إن تفشي عاميتنا في الحديث العادي لا ينبغي أن يحول دون الإكثار من البعثات الباكستانية، فنحن نعمل على التقريب بين العامية والفصحى بالتعليم ووسائل النشر المختلفة، وليس من بأس ولا كبير عناء في أن يأخذوا بالضروري من العامية، وهي قريبة من الفصحى كما أنها تتشابه في البلاد العربية المختلفة التي تتجه الباكستان نحو مودتها، وهم مع ذلك لن يعدموا مواطن الفصحى وأدواتها في مصر.