وقد بين في حديثه ضرورة تكتل المسلمين وتعاونهم على الأخذ بوسائل التقدم وأسباب القوة، وأبرز فكرة (الجنسية الإسلامية) التي تقوم على الترابط والتواد بين كافة المسلمين في مختلف ديارهم، ومما قاله أن بعض المفكرين يدعون إلى الاقتداء بالغرب، وبعضهم يقول بالنظر إلى الشرق، ولكني أقول: يجب أن ننظر إلى ذاتنا وإلى إلهنا.
وكان الزعيم الباكستاني يتحدث باللغة الأردية، وهي لغة التخاطب السائدة في الهند والباكستان، وترجم عنه إلى العربية الأستاذ الأعظمي عميد كلية اللغة العربية في كراتشي. وقد شعر الجميع بالتقارب الفكري والوجداني بينهم وبين الضيف الكبير الكريم، على رغم الاختلاف في اللغة، ولا شك أن لاتحاد اللغة شأناً كبيراً في جمع المتكلمين بها على المودة والأخوة، وأنا أعتقد أن الباكستان تدنو من أخواتها الإسلامية التي تتكلم العربية، وتحقق هدف الاتحاد المنشود، باتخاذها العربية لغة لها. ولا يقل هذا شأناً - إن لم يزد - عن الوسائل الأخرى من الدعوة المباشرة وغيرها.
ولا أريد أن أثقل على إخواننا الباكستانيين بتكرار ذلك الذي قلته في مناسبة سابقة، وإنما أستبشر بما تنقله إلينا الأنباء عن حركة تعلم العربية في الباكستان، وما تبذله الدولة في هذا السبيل، وهي لا تزال في أوائل سنتها الثالثة، وأستشرف إلى المستقبل القريب الذي نرى فيه الباكستان أمة مسلمة متعربة.
وقد لاحظت كثيراً من الكلمات العربية في خلال حديث السيد خليق الزمان، ويقال إن اللغة الأردية تحتوي من الكلمات العربية ما يقدر بنحو خمسة وستين في المائة من مجموع ألفاظها. ولذلك لم يجد الباكستانيون الذين أقبلوا على تعلم العربية صعوبة فيها، وقد تقرر تعليم اللغة العربية في مراحل التعليم ابتداء من السنة الأولى الثانوية. وهناك (الجمعية العربية العامة) التي يرعاها وزير المعارف ويرأسها شيخ الإسلام، ولهذه الجمعية سنة طريفة في الحث على التخاطب باللغة العربية، فهي تفرض على من يتحدث في دارها أن يدفع عن كل لفظة غير عربية ما يعادل خمسة مليمات مصرية.
وقد جرى حديث بيني وبين باكستاني كبير في موضوع نشر اللغة العربية في الباكستان، قلت له: لماذا لا تكثرون من بعثات الطلاب إلى مصر، ليتعلموا في معاهدها باللغة العربية، ويكتسبون القدرة على هذه اللغة من البيئة المصرية؟ وجهت هذا السؤال وأنا غافل عن