وأين إذن أستطيع قراءة الوثائق والكتب العلمية إن لم أجدها في المكتب العامة؟ ولم أطلب شيئاً عسيراً بل شيئاً مشهوراً لا تخلو من الحديث عنه صفحات الجرائد كل يوم.
ثم دعاني داعي الإنصاف إلى الاعتذار عن المكتبة بعدم ظهور كتب تتناول نشر الميثاقين أو الحديث عن الهيئتين. وأردت التأكد بنفسي فما هي إلا جولة حتى خرجت من عند بائع الكتب وأنا أتأبط كتابين ولشدة حاجتي للإلمام بالموضوع دفعت فيهما ما يقرب من جنيهين.
وتساءلت مرة أخرى: ألا يتمكن الفرد من معرفة ما يعرض له أثناء البحث - على كثرة ما يعرض له - إلا إذا كان يملك الوسيلة إلى الشراء! وإذا كان الأمر كذلك فإلي أي حد تتحمل مالية الإنسان مهما عظمت تكاليف الكتب مع تعددها وارتفاع أسعارها؟!
لقد كانت مكتبة الإسكندرية - يرحمها الله - موجودة حقاً منذ ألفي عام حين كانت تقدم الزاد الدسم فيعجز عن هضمه العلماء الكبار؛ أما الآن فقد أصبح كل ما فيها من زاد لا يكاد يقيم أود الصغار.
وذكرني ذلك بالموقف الذي قاساه من قبل الأستاذ عباس خضر (في قاعة المطالعة بدار الكتب) وعدت لأقرأ من جديد ما كتب ولأجد فيه بعض العزاء.
والآن يطيب لي أن يثار هذا الموضوع مرة أخرى. إن عشرات الكتب العلمية تغمر السوق كل يوم، وكلها مما يحتاج الباحث إلى الإلمام بها أو ببعضها.
وإذا كانت وزارة المعارف - سامحها الله - قد ألجأتنا بإفقار مكتباتها المدرسية - إلى المكاتب العامة فلا أقل من أن نجد لدى الأخيرة بغيتنا، وإلا فنحن نزود الراسخين عن الإطلاع ونزود المبتدئين بالحجة التي تدفع عنهم لوم اللائمين ثم لتسلكهم بعد حين في عداد الجاهلين.
حقاً إنه لموضوع يستحق من قلم صاحب التعقيب تعقيباً يكون له عند المسئولين صداه. وعسى أن تستأنف المكاتب العامة سيرها في ركب الحياة.
٢_حول مسئولية الاحتلال:
(سألني بعض حضرات القراء عن المرجع الذي اقتبست عنه بعض الفقرات التي استشهدت بها لتأييد الرأي الذي ذهبت إليه في تحديد مسئولية الاحتلال الإنجليزي لمصر بالمقال المنشور بالرسالة عدد٨٥٠.