للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فأحدهما (الأدب الصوفي)، وقد برز فيه ابن الفارض، وحوله زمرة لا يستهان بها من المتصوفين الذي يعدون عالميين في أدبهم الصوفي! والأخر فن تأدية الحكمة على لسان الحيوان، وقد تجلى هذا الفن في أدب ابن المقفع، وانتقل تأثيره إلى الشاعر الفرنسي (لافونتين).

بإمكاننا أن نلتمس من هذا العرض السريع، مدى أهمية الأدب العربي بالنسبة إلى الآداب العالمية، تلك الآداب التي عالجت قضايا الإنسان، ووصفت نفسية الإنسان، فكانت لغته الحية الناطقة في كل مكان وكل زمان.

ولئن لجأ بعض الأدباء العالميين لتحقيق هذه الغاية، إلى وضع المسرحيات، فما ذلك إلا لأن بيئاتهم الخاصة حدت بهم إلى هذه الوسيلة، ويسرت لهم تحقيقها! أما أدباء العرب فقد عوضوا عن هذا النقص الطفيف بلجوئهم إلى وسائل أخرى لا تقل عنها أهمية أو قيمة، مما أتينا على ذكره، فأنتجوا بذلك أدباً عامراً بالمعاني والعناصر الإنسانية التي بإمكانها أن تتجاوب مع نفس كل إنسان. بل لقد رأينا كيف أبه عندما سمحت البيئة الاجتماعية بطرق فن الأدب التمثيلي عند العرب، برز شوقي بمسرحياته الخالدة، فسد ذلك الفراغ العارض بكل جدارة.

وحسب الأدب العربي أعلامه الخالدون عمر بن أبي ربيعه وأبو نواس والمتنبي وأبو العلاء وابن الرومي وشوقي، حتى يستوي في مرتبة الآداب العالمية الخالدة.

(بيروت)

محمد وهبي

<<  <  ج:
ص:  >  >>