منها العلم والنشاط والثبات وحب العمل، نقتبس منها أساليب التعليم والتربية. . وإنما لا يجوز في عرف الشرف والاستقلال أن نندمج في الغرب فنقضي على ما بقي لنا مهن القوة الضعيفة أمام قوته المكتسحة الهائلة).
لقد تأثرت باحثة البادية ببيئتها تأثراً بعيداً فتخرجت كاتبة وشاعرة وناقدة وخطيبة ومصلحة! فأبوها المرحوم (حفني بك ناصف) العالم اللغوي والكاتب الضليع والشاعر الفكه كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، وزوجها العربي الصميم المرحوم (عبد الستار بك الباسل) من بيت مجد أثيل وحسب عربي عريق وهو من وجهاء قبيلة الرماح بالفيوم.
وقد دبجت براعتها كثيراً من المقالات البليغة والبحوث العميقة والرسائل الممتعة التي امتازت بالسلاسة والوضوح والتي خصت بها صحيفتي:(المؤيد) و (المحروسة)، وحسبها دليلاً على بلاغتها، أن يشهد لها أمراء البيان في مصر، من هؤلاء أحمد لطفي السيد باشا بقوله فيها (أما انتقاد رسائلها من جهة صناعة الكتابة فحسبي أن أقرر من غير محاباة أنها أكتب سيدة قرأنا كتاباتها في عصرنا الحاضر).
والشيخ عبد الكريم سلمان بقوله (إني رأيت في كتابة هذه السيدة حدة في بعض الموضوعات، وكأنها معذورة في حدتها لامتلاك الموضوع نفسها وحواسها) وأحمد زكي باشا بقوله (إنها أعادت لنا لك العصر الذهبي الذي كانت فيه ذوات العصائب يناضلن أرباب العمائم في ميداني الكتابة والخطابة).
وحافظ بك إبراهيم بقوله:
لله درَّك أن نثرت ... ودرّ حفني أن نثر
ولقد توفرت لها شروط النقد من سلامة الفطرة وقوة الملاحظة وسعة الاطلاع، فكان نقدها ينصب على المجتمع المصري الذي ظلم المرأة وسلبها حقوقها من قولها في ذلك (المرأة المصرية مسلوبة الحق مظلومة في كل أدوار حياتها، نراها يتشاءم منها حتى وهي جنين، فإذا ظهرت مولودة تستقبلها الجباه مقطبة والصدور منقبضة والثغور صامتة).
وقولها في استبداد الرجال بالنساء: (بعض النساء يهددن بالفراق إذا لم يعطين أزواجهن ما يطلبون، ويذكر لهن الزواج إرهاباً، فأي الأمرين تختار الزوجة البائسة؟ المرأة مظلومة دائماً، إذا كانت فقيرة لا يرغب فيها، وإن كانت وارثة يطمع في مالها، والوارثة مظلومة