أحضانه، على حين تجري أمينة رزق (عائشة) بالبندقية متحمسة مع المتحمسين لقتال الأعداء. وتلتقي فلقتا الستار. . .
كان المشهد الثالث أحسن المشاهد كلها، فقد كان هادئاً تجلت فيه الإنسانية والمروءة في إيواء العدو الجريح والعطف عليه، وقد اعتُمد في أكثر أجزاء القصة على (الرواية) أي أن اثنين من أبطالها يتحادثان طويلاً ليخبرانا بما حدث من كذا وكذا، وكان حديث الشخص الواحد يطول حتى يكاد يتحول إلى خطيب، ومن ذلك الحديث الذي دار في أول مشهد بين الشيخ صالح والشيخ حسان عن المستعمرين وممالئيهم من الخونة، فكان الثاني يلقي كأنه على منبر يوم جمعة. . . وفي أثناء الحديث بدا المسرح في منظر غريب، جملان يسيران الهوينى ونساء يحملن الجرار فارغات - إذ يحملنها وجوانبها على رؤوسهن - في الذهاب وفي الإياب! ورجال كثير يروحون ويجيئون، والجميع صامتون كأنهم قبيلة من الخرس! وكل ذلك حتى يفرغ المتحدثان، وبعد ذلك يأخذ الرجال في صلاة المغرب، فيطيلون الركوع والسجود ويمدون التكبير والحمد والتسبيح، ويختمون الصلاة بالأدعية، وكل ذلك أيضاً لكي تتمكن امرأتان من حديثهما المقصود منه (رواية) بعض الحوادث البعيدة عن المسرح! ولذلك وأمثاله كانت الحركة بطيئة مملة والتسلسل المشوق معدوماً، ولم يكن يمنع الجمهور من النوم غير انفجارات البنادق والغارة الجوية. . . وانفجار بعض (الأكليشيهات) الوطنية التي تستجلب التصفيق. . . ولست أدري ولا المؤلف (وهو المخرج أيضاً) يدري كيف يهجم جنود الأعداء على مكان القبيلة وطائراتهم تحلق فوقه وتقذفهم بالقنابل!.
وموضوع الرواية، أو المدعى انه موضوعها، هو الإشادة بالبطولة العربية في المغرب، ولكن أين ذلك على المسرح؟ أفي عرض جماعة من حملة السيوف يشرعونها نحو الطائرات التي تقذفهم بالقنابل. . . وكيف تقاتل الدبابات والمدمرات بالسيوف؟! وقد كان في الإمكان الذي يتفق مع الواقع أن يكون في أيدي الأبطال بنادق بدلا من السيوف.
أم في ذلك المشهد العجيب الذي شغل ببكاء الأم ونشيج الحبيبة قبيل رحيل الشاب إلى الحرب؟ كان الأوفق أن تتجملا بالصبر والجلد أمامه، ولا بأس بقليل من العواطف يبدو في أثناء التجلد، وقد كان هذا المشهد (فاصلة) مملة من العويل والبكاء تجلت فيه أمينة رزق!.
هذا وذاك إلى الروح الفاتر الذي ران على كل الأبطال. . . ولم تقدم لنا المسرحية بطلا