يلعب بأنامله السحرية في الفلاة الصادية، فيحيلها مروجاً سندسية نضيرة. . . ويتسرب بين السهول والوديان، عازفاً ألحان المرح، وتراتيل السرور!.
وكذلك أنت يا وحيد. . . كانت حياتك تسير في مواكب الأفراح ترقص وتغني! وكلما أغدقت من ثروتك الطائلة في سبيل الخير. . . زادت، واتسعت، والتف حيالك الناس!؟.
ومضى بك الزمن هادئاً ناعماً إلى مطلع الشباب، فحلقت روحك بعيدا بعيدا أنت وحدك تدري إلى أين!! ثم هامت في اللانهاية. . . تجوب عالم الخيال، تمني نفسك العطش نعيم الحياة، فما فتئت ترتوي من مختلف ينابيعها، وتعطف القبل من ثغرها البسام، إلى أن صبت نفسك إلى الراحة، وهفا قلبك للسكون، وتاقت روحك الهائمة. . . إلى بيت الزوجية الهانئ، فنفضت غبار الماضي، لتستقبل من اصطفتها توأماً لنفسك، وشريكة في الحياة.
وغمرتني النشوة، والطيوف تداعب خيالي، والرؤى تتماوج في شتيت الذكريات، وأحسست بالراحة رانت على روحي. . . عندما تشابكت خيوط الماضي، كأنما لعبت بها أنامل بارعة، سرعان ما أحالتها إلى وجه صبوح عليه إشراقة عذبة ساحرة. . . فانطبعت في خاطري صورة عروسك الحبيب (سهام). ما كان أنظرها! عيناها كسندس تكتسي به الحقول، وشعرها المتهدل على جبينها الوضاح كبدر بين حفيف السحاب، أما صدرها الناهد وجسدها الريان، فمملوءان بسحر مجنون!!.
ما كان أروعها ليلة الزفاف، وهي تخطر إلى جوارك، بين هالة من الفتيات يحملن الشموع والزهور. . . تفتر شفتاها من بسمة حلوة، يرف فيها ما تحس من سعادة وهناء. . . وتلمح في عينيها تأملات حالمة، تحملها سراعاً إلى عشها الجميل، وأملها المنتظر، وبيعها الدائم، وقد نبتت فيه أزاهير من حب ووفاء.
وهنالك بين أكاليل الزهور. . . جلست وعلى رأسها تاج من زهور الأقحوان، محلى بالجيراينوم ومرصع بالفيولد. . . كانت في نبل الملائكة، تحوطها حالة من نور. . . نور يخطف الأبصار. . . قد تسربلت خيوطه البهية من بين أهدابها الحالمة!.
وكانت الليلة حلماً رائعاً، رقصت فيه الملائكة على أنغام الجازبند فتمايلت نشوانة فرحى. . . ترف حولها في المكان. . . آهات حري أرسلها صدرك يا صاحبي - علها تريد أن ترقص أيضاً!! - يحملها الأثير الهادئ اللين إلى ابتسامة الأمل، ونفحة الله. . . سهام.